سجينه جبل العامري بقلم ندا حسن
كل وقت وخرج صوتها المنزعج
هتتصوروا ولا لأ
أجابتها وعد وهي تقترب من جدتها مبتسمة مستعدة لأخذ الصورة
هنتصور بس أنتي خديها حلوة يا عمتو
قالت بنفاذ صبر معقبة على حديثها
يلا يا ست وعد خلصينا أنا تعبت
أتى جبل من الخارج ليستمع إلى أصواتهم فتقدم إليهم قائلا يمازحها بحب
ايه ده مين مزعل حبيبة بابا هنا
حركت يدها وكأنها غاضبة في حركات طفولية للغاية غريبة عليها قائلة
أجابها والإبتسامة تزين شفتيه ينظر إليها بحب ليحصل على نظرة رضا منها
أنا أصوركم
تقدم يأخذ الهاتف من شقيقته لتبتعد هي ويقف هو في مكانها أمامهم فوقفت وعد مع جدتها تستعد لأخذها ففعل ليهبط على الأرضية يتكأ على قدميه حتى ترى تقدمت منه سريعا تنظر إليها من خلال شاشة الهاتف فخرج صوتها الرقيق بسعادة
أبعدت وجهها إلى فرح تهتف
شوفتي من أول مرة إزاي طلعت حلوة
أومأت إليها بغيظ فهي منذ الكثير من الوقت تقف هنا محاولة فعل ما تريده منها
ماشي يا ست وعد
أشارت إلى جبل قائلة بفرحة
تعالى بقى اتصور معانا
تقدم من فرح يعطي إليها الهاتف لتأخذ لهم الصورة وعاد هو يحمل وعد على ذراعه متوجها إلى والدته يقف جوارها يحيط كتفها بذراعه الآخر ليقفوا ثلاثتهم مبتسمين
وحشه أوي يا عمتو
نظر إليها جبل ضاحكا وكذلك والدته وشقيقته بسبب تغير ملامح وجهها التي تلعب عليها ببراعة الاطفال المعهودة خرج صوته بجدية
تعالي يا وعد وأنا هصور
أومأت إليه قائلة بمشاكسة ل فرح
يكون أحسن بردو تعالي اتصوري معانا
تحدثت وعد بمرح بعدما اخفضها إلى الأرضية تنظر إلى الهاتف بعدما أخذته منه
شايفه يا عمتو الصور عامله إزاي خلي بابا يعلمك
متشكرين ياستي
ابتسم جبل بسعادة وهو يتابع حركاتها الطفولية البريئة التي تأثره وټخطف عيناه من موضعها لتتوجه إليها تتابعها تتشبع من رؤيتها ورؤية كل ما يصدر عنها
أبتعد تاركا إياهم يمرحون سويا فرحين بتلك الصغيرة التي أصبحت تتحدث بينهم بطلاقة وتفعل حركات أغرب منها ومنهم جميعا متوجها إلى الأعلى إلى معشوقة قلبه ومالكه روحه تلك التي أخذت امضاء وتوكيل صريح منه بأن حياته لعبة بيدها
جلس جوارها مبتسما ورفع يده إلى بطنها الممتلئة يمسد عليها بحنان ثم خرج صوته قائلا
أخبار الحلوين ايه
أجابته بنبرة فرحة تنظر إليه وإلى يده التي تمسد عليها
بيسلموا عليك
أقترب معتدلا منها الخارجة من قلبه الصغير على الرغم من أنه مثل قبضة يد ولكن شعوره حينها لم يكن يوصف ولم يستوعب إلا بعدما دلف پصدمة لدقائق يحاول إدراك كونه قريبا سيكون أب
ثم بعدها ولج صدمة أخرى أكثر فرحة وسعادة بعدما أكتشف أنه ليس صبي واحد بل اثنان فاض كرم الله من حوله بمنه عليه برجاءه الوحيد ليكمل مسيرة رجاءه وأمله في الله أن يحفظهم ويرعاهم له
تحدثت زينة قائلة وهي تعتدل
خلاص هانت كلها أربع شهور بس
أعتدل جالسا جوارها ثانية ينظر إليها باستنكار وتحدث وكأن هذه الأشهر ستمر كالهفوة
بس!
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر إلى ملامحها
الغير مصدقة بساطة كلماتها فقالت برفق
مش كتير ولا حاجه دول
أشارت إلى بطنها بيدها وهي تبتعد عنه قائلة بلا مبالاة وهدوء تام
ما أهم عندك الله عيش معاهم
حرك رأسه نفيا رافعا يده إلى وجنتها يحركها عليها برفق وهدوء
لأ ما هما وحشوني هما وأمهم مع بعض
سألته مضيقة عينيها عليه تشاكسة
الاتنين
افتعل صوت بفمه ونفى وهو يحرك رأسه بالرفض مصححا لها
تؤ التلاتة
أعتدلت إلى الخلف تستند إلى ظهر الفراش ثم تحدثت بجدية تبتعد عن حديثه المرهق لبدنها قائلة
أنا عايزة أنزل شوية علشان تعبت من القاعدة هنا لوحدي
أومأ إليها برأسه مصرا على استكمال تلك المسيرة التي بدأها ليخرج صوته الخبيث الماكر
هننزل بس مش أشوف الناس اللي وحشتني دي الأول
جلست معتدلة تنظر إليه بحدة قائلة
هو أنت بتستهبل نفسك مش كانوا لسه واحشينك وخلصنا
أبعد يده عنها واعتدل أمامها ينظر إليها بعمق وقوة يبادلها الشغف المخفي داخل عيونهما أردف بجدية ومكر
لأ منا هفهمك كل لما بحس إني مش قادر من كتر الوحشه ببقى كده يعني
كررت ما قالته باستنكار مضيقة ما بين حاجبيها عليه
الوحشه!
ترك كل ما تحدث به وطريقة حديثها واستغرابها كلمته الغريبة بهدوء وبكل شغف العالم وحنينه خرج صوته
بحبك
بادلته مشاعر الجوى التي تشتعل داخلهما بالرغبة الجامحة في التكملة إلى نهاية الدرب تجيبه بحب ورقة
وأنا كمان بحبك أوي
غمزها بعينه قائلا بصوت ماكر ضاحك
الله وكيل غزال وأنتي غزال
كان يحاول أن يتحول إلى ذلك الشخص الذي يتحرك بخفه هو والرومانسية وكثيرا من المرات كان يحاول ليبقى مظهره أمامها لا يليق به أبدا
قالت بجدية تهشم سقف طموحه في أن يكون نال إعجابها بمحاولاته
جبل متحاولش تبقى رومانسي يا حبيبي
سألها مضيقا عينيه عليها مستفهما
ليه بقى
أردفت بجدية وهي تنظر إليه قائلة ما يحدث متنازلة عن حقها في الغزل والرومانسية
أنت مش رومانسي ومش عارف تبقى رومانسي ف الموضوع تقيل خليك بهيبتك يا حبيبي أنا راضية
نظر إليها باستنكار وأجابها
مش وش نعمة
أومأت إليه برأسها تؤكد على حديثه
خالص
مال برأسه عليها تاركا كل ما قاله خلفه يميل برفق وخفه ونظرة عيناه شغوفه مقتولة في الحب ومن أحب ورود الحياة بألون وأشكال مختلفة تتحرك ورقة وحنانه بالغ ذوروته عليها يشعرها بكم كانت لا شيء قبل أن تكون ملكه وبين يديه
كانت تجربتها من أمر التجارب على الإطلاق ليخلق الحب من رحم المعاناة والألم الذي لم تراه إلا على يده وبالرغم من ذلك لم يكن إلا هو الذي أحبها وغير حياتها ليغير مسارها من الخديعة إلى الغرام المسحور پجنون المشاعر المختلطة كل لحظة والأخرى بشكل مختلف هستيري يسوده الشغف والحب
هكذا كانت حياتها من مر إلى أمر إلى جبل العامري الذي اعتقدت أنه الأكثر إرهابا وقسۏة وجنونا ليبقى الآن أمامها زوج محب ورجل حنون عاقل وأب متلهف كطفل صغير لرؤية صغاره
في ظاهره كان الأخطر على الإطلاق ككل شيء نحكم عليه من ظاهره فقط ولا ننظر إلى باطنه ككل شخص نحكم عليه من تصرفاته الغريبة التي يرسلها إلينا ولا نرى ما في داخله لا نرى ما يعبئ قلبه وكيانه من الداخل
ربما نراه الأخطر والأكثر إجراما فقط من نظرة خارجية وفي باطنة حنان كل أم على أولادها ولهفة كل أب على أولاده ربما في داخله جنون عاشق مختل مصر على اختراق الحب بكل مقايسه وتعاليمه ربما هو كثرة المشاعر المتأججة داخلنا ولا نشعر بها ربما هو كل عين نظرت إلينا بقسۏة وكره وداخلها الحب مضاعف مخفي
ربما هو كل يد امتدت لتنال منا پعنف ضاري وفي اخفاءها لم تفعل ذلك إلا لأجلنا مع اختفاء الأسباب وتبريرات ما حدث
ربما هو جبل العامري كل ظاهر خطړ ومچرم وكل مخفي صدق وعدل ورحمة
بعد مرور خمسة أشهر
أقترب عاصم يأخذ يونس طفل جبل الصغير الذي لم يبلغ من العمر إلا شهر ونصف ينظر إليه بحب يتمعن في ملامحه البريئة الصغيرة للغاية ثم رفع وجهه إليهم قائلا بمشاكسة
للأسف شبه أمه
تقدمت زينة لتأخذه منه تبصره بضيق وانزعاج قائلة بسخرية وتهكم
لما نشوف خلفتك هتبقى ايه
قبل أن يتحدث أبتعدت عنه زوجته إسراء تقول بجدية محاولة الهرب منه
لأ خلفته هتبقى شبهي أنا يا زينة وإلا ممكن يجيلي ضيق تنفس
ابتسمت تنظر إليه پشماتة معلقة على حديثها لتجعله يغتاظ أكثر
حتى مراتك مش مستحملاك
تهكم عليها ناظرا إليها
بسخرية شديدة بجيبها
قال يعني أنتي اللي مستحملينك
أجابته بمنتهى البرود واللامبالاة متجهة إلى الأريكة تجلس بطفلها
وأنت مالك
تقدم منهم جبل الذي كان خارج الغرفة ليستمع إلى حديثهم فخرج صوته ساخرا
الله وكيل بتحط نفسك في مواقف بايخة مع زينة يا عاصم
رمقه بعصبية محاولا التحكم في ذاته ثم أجابه ساخرا ناظرا إليه ببرود
أنت اللي مش عارف تتحكم
أردف جبل بجدية وحدة
خليك في نفسك
استمع إلى ضحكات زينة التي صدح صوتها متحدثة پشماتة
شوفت محدش طايقلك كلمة
أقتربت إسراء منها لتجلس جوارها تنظر إلى يونس الذي كان على قدميها ينام بسلام وهدوء
لأ بس بجد يا زينة يونس شبهك أوي نفس العيون والحواجب ونفس الشفايف حتى بصي رسمتها
نظرت إلى الطفل الآخر ياسين مع جدته قائلة
وياسين شبه جبل
ابتسمت وجيدة وهي تستمع إلى حديثهم ثم تفوهت
قسموها بالنص بينهم يونس شبه أمه وياسين شبه أبوه
أقتربت منها وعد تجلس جوارها ثم سألتها ببراءة
وأنا شبه مين يا تيته
عانقتها جدتها بيد واحدة والأخرى تسند بها ياسين وخرج صوتها بنبرة محبة حنونة لينة تظهر لها كم تأخذ وعد مكانه كبيرة في قلبها
شبهي أنا يا حته من قلبي
أقترب عاصم يسير في الغرفة بمرح وتحدث ينظر إلى زينة بطرف عينه يحاول إغاظتها بعدما صمتت
بس أنا مش زعلان غير على مستقبل يونس لو فضل شبه أمه مش هيلاقي واحدة تبص في وشه
ارتفع صوتها وهي تشيح بيدها إليه بهميجة قائلة بصوت عالي
ما تحترم نفسك بقى والله اطردك بره وأخد مراتك وبنتك ولا ابنك اللي لسه مشفتوش
أمسكت إسراء في تلك الكلمات تترجاها بقوة قائلة محاولة الهرب منه بعدما اعتادت على كل تلك الأفعال التي تصدر منه بينهم هما الاثنين وتلك اللحظات الحمېمة التي تلازمهم طيلة الوقت حتى في لحظات تناول الطعام
آه بالله عليكي يا زينة مش عايزة اروح معاه
اتسعت خطواته ليصل إليها في خطوتين وحيدتين يقف أمامها وهي جالسة على الأريكة ليظهر طوله الفارع وكم هي صغيرة بالنسبة إليه ينظر إليها بحدة قائلا
نعم يا روح أمك عايزة
وايه يعني
حرك رأسه بقوة متحدثا بانزعاج وهو يرمقها پغضب
خليكي في حالك
وقفت زينة على قدميها تعطي صغيرها إلى زوجها لتقف في مواجهته تصرخ بحدة
بقولك ايه بجد
قاطعها جبل قبل أن تكمل حديثها صارخا بقوة عليهم
خلاص كفاية وجعتوا دماغي
استدارت تنظر إليه بقوة قائلة پغضب وضيق
مش شايف هو اللي بيستهبل
تحدث بنفاذ صبر
امسحيها فيا ياستي خلصنا
عادت تجلس مرة أخرى تنظر إلى عاصم متحدثة پغضب
جايلك يوم
أخرج لها لسانه كالاطفال وهو يبتسم بقوة ثم تحولت إلى ضحكات متعالية وهو يراها تنظر إليه پغضب وشړ كبير والغيظ يأكلها
بقيت العلاقة بينهم مرسومة بهذه الطريقة وكأنهم يتمثلون في حياة القط والفأر لا تعبر كلمة من الآخر إلى الآخر إلا عندما تمر بكل مراحل