رحلة الآثام بقلم منال سالم
لها وبما جعل قلبها يقصف كذلك
أنا لو بوستك حتى محدش ليه الحق يعترض!
هتفت محتجة بارتباك عظيم وقد استندت بكفيها على صدره
لأ أرجوك.
منحها هذه الابتسامة الماكرة وهو يخاطبها
متقلقيش مش هعمل حاجة ڠصب عنك إنتي غير أي واحدة.
لاذت بالصمت وتجنبت النظر إلى عينيه نهائيا وهو يسير حاملا إياها تجاه السيارة لكنها لن تنكر أنها استمتعت رغم توترها بهذا الشعور الجارف لكل ما هو عقلاني!
عجبك المرقعة اللي إنتي كنتي فيها دي
بهتت تعابيرها خوفا من غضبته الظاهرة وراحت تعتصر ذهنها لتتذكر كيف ومتى أحرجته وتسببت في مضايقته حينما عجزت سألته بصوت شبه مرتعش
مرقعة إيه لا سمح الله
أجابها بنفس الصوت اللائم وشبه المنفعل رغم خفوته
الضحك والكركرة اللي كانوا في الشارع قصاد الناس خلاص فشتك عايمة على الآخر!
دي خالتي.. كانت قالتلي إن آ...
لم يمهلها الفرصة للتوضيح وقاطعها بصوت حاسم وملامح صارمة
بصي يا بنت الناس لا خالتي قالت ولا خالتك عادت أنا مش جاي أتجوز عشان أجيب لنفسي ۏجع الدماغ...
على نفس النهج القاسې
أنا عاوز اللي تريحني مش ناقص هم وقرف.
في التو أبدت ندمها قائلة دون تفكير
حقك عليا.
سكت ولم يقل شيئا فاستأنفت بحذر وهي تقاوم زحف الدموع إلى مقلتيها
بس إنت برضوه زعلتني لما سبتني وروحت مع أمك وكأني مش مراتك!!
هتف في صوت محموم
هو احنا لحقنا!!
ما إنتي شوفتي بنفسك إنها مش قادرة تقف عاوزاني أعمل إيه وهي ست كبيرة أقف اتفرج عليها لحد ما تقع من طولها
انحشر صوتها وهي ترد بنبرة مهتزة
لأ بس آ...
مرة ثانية قاطعها رافعا يده أمام وجهها ليهددها
تحول نظرها عنه وراحت تلوم نفسها بشدة لأنها انساقت وراء خالتها ولم تضع في الحسبان أنها بذلك تحزن زوجها. ودت لو عاد بها الزمن للوراء واكتفت بالسير صامتة لربما آنئذ نالت رضائه وكلمة حنونة منه!
كانت تشعر بنوع من الغنج والدلال وهي تنتقي بين ماركات الأحذية ما يناسب مقاس قدميها بدت وكأنها في عالم من سحر الموضة المشوق لحظات لا تعوض عاشت كل ثانية فيها بنشوة عارمة دارت حول نفسها وهي لا تصدق حقا أنها ترتاد أحد أهم متاجر بيع الأحذية. بعد حين من التجارب وجدت واحدة ملائمة لها رغم تحيرها في حسم اختياراتها فكل ما وقعت عليه عينيها كان رائعا للغاية. تجولت في تبختر أمام ناظري مهاب وهو جالس على الأريكة ثم رفعت قدمها قليلا عن الأرضية لتبرز شكل الحذاء في قدمها وهي تهتف بابتسامة لهفى
تحفة أوي ومريحة جدا.
قال وهو يبادلها الابتسام الهادئ
المهم إنها عجبتك.
بعدئذ أشار للعاملة في المتجر لتأتي له بالفاتورة فاستجابت له في التو. انتظرت تهاني ذهابها وتقدمت ناحيته ثم جلست على حافة الأريكة الوثيرة وراحت تتحسس ملمس الجلد الثمين بيدها لترفع نظرها إليه مضيفة بقليل من الحرج
بصراحة دي أول مرة ألبس حاجة زي كده في حياتي...
للحظة تحسرت على حياتها البائسة التي جعلتها محرومة تقريبا من رفاهية الدنيا ومتعها المغرية قامت واقفة وتابعت وهي تتطلع إليه بتعبير واجم لتقنعه بأنها غير راضية عن هذا الموقف المخجل بتاتا
بس أكيد غالية وصعب إني آ...
قاطعها قبل أن تتم جملتها قائلا وقد فهم ما ترمي إليه
ماتغلاش عليكي.
حفظا لماء الوجه حاولت أن تقول بعزة نفس
أنا هرد لحضرتك تمنها.
نهض قائما ودنا منها مرددا في عتاب رقيق
عيب الكلام ده يا دكتورة دي هدية بسيطة مني ليكي وهي مش من مقامك أصلا.
أصرت على رأيها هاتفة
بس كده كتير وآ..
وإيه يعني دي مش هتكون آخر مرة أهاديكي بحاجة.
لاحظت تحول نظراته عنها وأتبعها ذلك قوله المريب
لحظة واحدة!
تحرك مبتعدا عنها نحو موضع ما خلفها فالتفتت تتابعه بتحير وجدته يسحب واحدا من الإيشاربات المزركشة من على حامل معدني بعد تدقيق سريع استدار عائدا إليها ثم فرده في الهواء بين يديه ليديره حول عنقها ثم طوقها به فاقشعر بدنها من الملمس الناعم للقماش على جلدها أحست كذلك بأصابعه وهي تداعبها خلسة شدها منه ليجذبها ناحيته ويقربها إليه انساقت كالمغيبة تجاهه حتى اضطرت أن تريح مرفقيها على صدره مستشعرة نبض قلبه أسفل يديها
ده كمان هيبقى شكله تحفة عليكي.
إنتي جميلة أوي.
د. مهاب! من فضلك!
هو المطعم
قريب من هنا
دس يده في جيب بنطاله وأجاب
أيوه.
أبقت على ابتسامتها الرقيقة وهي تسأله
طب مش هنروح ولا إيه
أشار لها بيده الأخرى الطليقة لتخرج قائلا
اتفضلي.
هزت رأسها مرددة بإيجاز دون أن تخبت بسمتها
شكرا.
ما زالت لمعة الانبهار تحتل نظراتها كلما زارت مكانا جديدا أو استمتعت بشيء لم تجربه سابقا. تذوقت تهاني أشهى أنواع الطعام واستطابت ما تناولته من وجبة مميزة بهذا المطعم الراقي لم تشعر بالوقت يمضي وهي بصحبة مضيفها بل إنها استأنست كثيرا بوجوده وشعرت بتناغم غير طبيعي معه ورغم تحفظها الواضح على معاقرته للشراب إلا أنها لم تظهر اعتراضا متحيزا ضده على الأقل ريثما تتوطد علاقتهما بشكل أقوى أو أن تتخذ طابعا رسميا وإلا لضاعت جهودها سدى.
أمام ردهة باب غرفتها بالفندق وقفت تصافحه وهي تبدي عرفانها بما قدمه لها طوال اليوم
ميرسي على اليوم الظريف ده أنا مكونتش متخيلة إني هستمتع كده.
بلطافة موحية ما زال باقيا عليها قال وهو يحتضن كفها براحتيه
ده بس لأنك موجودة معايا...
حاولت استعادة يدها وسحبها من بين قبضتيه لكنه رفض تركها وتابع بتنهيدة ثقيلة مغلفة برغبة متأججة
ونفسي تفضلي كده.
دكتور مهاب!
مش قادر أمنع نفسي!
توسلته بارتعاش
أرجوك...
تجاوزت عن ندائها المستجدي لعقلانيته شبه المغيبة اضطرت أن تلجأ للجفاء معه لئلا ټندم لاحقا على تراخيها لذا جاء في باقي جملتها قدرا من الټهديد عندما تابعت
أبعد رأسه عنها ونظر إليها بغموض مريب دون أن ينطق بكلمة ومع ذلك تمسكت بصمودها وإن كان مهددا للخروج من جنة دنياه الثرية بكل ما تشتهيه النفس دفعت للخلف قائلة بصوت جامد
تصبح على خير.
تراجع مسافة متر ملوحا لها بيده قبل أن يرد بهدوء غريب
وإنتي من أهله!
لم تنظر تجاهه وأسرعت بفتح الباب لتدلف إلى الداخل وهي بالكاد تحاول السيطرة على رعشة أطرافها أوصدته مستندة بظهرها عليه محاولة استعادة انضباط حالها المتخبط حذرت نفسها بصوت العقل
اجمدي كده يا تهاني لو خدك للسكة دي هتبقي خسړتي كل حاجة قبل ما تملكيها من الأساس!
سحبت نفسا عميقا لتعيد الهدوء إلى أوصالها ثم تابعت مع نفسها وكأنها تعطيها تحذيرا شديد اللهجة
حل وثاق يديها قائلا بجفاء مريب قبل أن يستقيم واقفا
لم أعد أريد.
ما الذي حدث فيما أخطأت عزيزي مهاب
وقف أمام المرآة يهندم ثيابه التي تبعثرت ثم وضع رابطة عنقه حول ياقة قميصه شعر بها تضمه من الخلف كمحاولة غير مؤثرة منها لإعادته لوتيرة اللهفة مجددا. مرغت وجهها في ظهره متسائلة في صوت ناعم
مهاب انتظر.
يتبع الفصل السابع
الفصل السابع
القناع
الصباح كان مختلفا بالنسبة لها رغم ما امتلأ به ليلها من تفكير مجهد أفرطت على غير عادتها في تأنقها وارتدت زيا رسميا من قطعتين بدا أشبه بما ترتديه مضيفات الطيران من سترة وتنورة باللون البترولي كانت ياقة السترة تلامس منبت