الجمعة 15 نوفمبر 2024

رواية قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم

انت في الصفحة 11 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز

حتى منتصف عمره الموسمي ولكنه أتى لطيفا حتى اليوم.... اليوم ..... لابد أن اليوم مميز ... كل شيء به مميز .... تسري به نغمة على وتر أرق من النسمات ... يأتيها مع رحيق المطر... ورائحته التي وكأن بها أثار حنين كل العشاق الراحلين... جلست ليلى بعد يوم عمل طويل على المقعد الهزاز...بينما حملت صديقتها إيمان حقيبتها وقالت وهي تهم بالمغادرة _ أنا مش هستنى لما الدنيا تبطل شتا...همشي حتى لو هروح غرقانة...مع السلامة يا ليلى ..... أجابت ليلى عليها في سلام ووداع مؤقت...مرفق بابتسامة صافية...بشفتين مثلجتين من البرودة...وباب ال محل مفتوح على مصراعيه .... تنتظر فقط أن يهدأ سيل الشتا لتغادر إلى منزلها....ولكنها مع ذلك بقيت مبتسمة على مقعدها...شاردة ...تحمل كتاب كان عبارة عن ديوان شعر أختارته من بين عدة كتب....أعجبها اسم الديوان ... لن أبيع العمر من ذا الذي يبيع عمره ! تردد السؤال بعقلها بتعجب....بجانبها طاولة صغيرة خصصها مالك المكان لوضع أكواب القهوة....الطاولة كانت تحمل وردة حمراء طبيعية...باقية من جمع الزهور بالهدايا طيلة اليوم.....منعشة الرائحة ...التقطتها يدها سريعا وفتحت الكتاب بشكل عشوائي وهي تتشمم ريحقها بعمق....وابتسامة هادئة. أتى بالمصادفة فقرة غنائية بالمذياع التي تركته صديقتها مفتوح وكان يردد بعد الأخبار المسائية ... الصوت كان هادئ ...حتى أتت فقرة غنائية لصوت الحب....ليلى مراد أما أنا مهما جرى...هفضل أصون عهد الهوى...وأن غبت يوم ولا سنة ...هفضل أنا...هفضل أنا رغما وجدت نفسها تنظر لكلمات القصيدة دون أن تراها ولكنها تردد كلمات المقطوعة....وتتمايل الوردة بفعل يدها على شفتيها المبتسمة وهي تغني بصوتها وكأنها بمعزل عن العالم ..... لم تكن كذلك تماما ... كان هو بالقرب.... يقف مبتسما بشرود ...يتأملها بصمت تام لم يكن صوتها طربي ...ولكنها تؤكد الكلمات كأنها تحب حقا....تؤكد على البقاء .... تؤكد شيء كأنها ترى أحدهم من بين نظراتها الشاردة وشفتيها المبتسمة ... وجه بالذاكرة...بالخاطر منقوش ملامحه....تحدثه وتخبره ....هفضل أنا رأته مرتين فقط..... ليرسم هذا العالم بمخيلتها .... غريب أمر الحب ! الإعجاب فيه گ الرشفة الأولى للعطش...ويبتلع الظمأ الأحلام في نهم.....ليرتوي القلب وتبتل أرض المحبة في بنائها للزهور.....زهور الحب .... حدقت بعينيها عليه في صدمة ...لا هتف المنطق لا مائة مرة ....لا يعقل أنه خرج من تفكيرها ليقف أمامها مثلما تمنت منذ لحظات.... وقفت ببطء والابتسامة رغما شقت طريقها بالتدريج ... ورغم أنهما أغراب ولكن كان اللقاء گ لهفة العاشقين .... لا تعرف لما حقا ...! تحدث وعينيه مبتسمة ببريق به شيء يخبرها شيء ! مضت إليه في بطء ...تلاها خطوات أسرع ...حتى وقفت والفارق بينهما الطاولة الزجاجية التي تفصل البائع والمشتري... ران صمت بينهما في ابتسامات وحياء شديد منها ونظرات تسلية ولهفة بعينيه....ثم قال وأخرجها صوته القوي من ظنها بأن هذا حلما اكيد _ الساعة بتاعتك وقعت تاني....في مكتبي ... كان وسيم لدرجة عالية ذلك الأسمر في معطفه الأسود على ملابسه الأنيقة....... وضع ساعتها على المنضدة فوضعت الوردة بالكتاب سريعا دون ترتيب منها....ودفعتهم برجفة يديها على المنضدة وسحبت ساعة معصمها.... قالت وخرجت منها الكلمات بالكاد في خضم هذا الحياء والفرحة التي ترفرف بقلبها برؤيته هنا....لعندها خصيصا _ أنا أسفة أنها .... أهداها أجمل ابتسامة لديه وقال _ متتأسفيش.... أنت ما قصدتيش ..... تخضبت وجنتيها بالحمرة الوردية ونظرت لساعتها في حياء شديد وابتسامة كانت منتهى الصدق ... ارتبكت من صمته ونظراته بها ...حتى قال _ ممكن تختاريلي باقة ورد من اللي موجودة.... ارتاحت لمجرى الحديث وقالت وهي تنظر حولها لتتهرب فقط من نظراته _ بتحب أي نوع .... كان لا يدري كثيرا عن أنواع الزهور .... حتى سقطت نظرته على الوردة الحمراء حبيسة الكتاب الملقى أمامه على الطاولة....رفع الكتاب وفتحه حتى رفع الوردة أمام عينيها قائلا _ النوع ده.... خرج من المأزق بذكاء....فمضت هي ترتب باقة الزهور مثلما أراد....حتى وقعت عينيه على كلمات القصيدة الشعرية من الكتاب المفتوح....رددها بإعجاب شديد للكلمات التي ترنم على وتر المشاعر برقة....... لا تذكري الأمس إني عشت أخفيه.. إن يغفر القلب..... چرحي من يداويه. قلبي وعيناك والأيام بينهما.. درب طويل تعبنا من مآسيه.. إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه.. كل الذي ماټ فينا..... كيف نحييه...... صوت جميل الإلقاء...واثق ..! هناك نبرة تخرج خلف الكلمات تقصد شيء .... تقصدك أنت...أو أحدهم ...! ولكنها تقصد شيء بالتأكيد ...توقف بنظرة عميقة لعينيها .... بينما هي تركت ما بيدها وظلت متيبسة الحركة.... لو الف رجل قال تلك الكلمات ما كانت لتلتفت حتى ...! حاولت تخفي ابتسامتها وهي تعود لترتيب باقة الورد ولكن فضحتها رجفة يديها التي أعلنت أن هناك شيء يرتجف بالقلب .... انتبه وجيه لصوت ليلى مراد بالمذياع ....فقال ولا زالت عينيه تتسليان بمرح من الارتباك الواضح عليها _ صاحبتك سلمى النهاردة بعد المحاضرة اعتذرتلي عن اللي عملتيه أنت امبارح .... بس قولتلها أن أعتذارك وصل ....يا ليلى نطق اسمها.... انتبهت للتو أنها لم تخبره اسمها قط...تساءلت بحيرة _ عرفت اسمي منين ! يبدو من ارتباكها أنها لم تفكر جيدا وتربط الأمور ...فاتسعت ابتسامته وأجاب _ ركزي ....أنا قولت صاحبتك جت وأعتذرتلي ...يبقى عرفت منين ! ابتلعت ريقها بارتباك شديد وعادت لتنهي باقة الورد من يدها .... وأخيرا أنتهت بعد دقائق وأخذتها إليه .... ظهر بعينيه بعض الضيق لسرعتها وقال _ جميلة أوي.... ابتعدت بعينيها بارتباك حتى قال وعادت لملامحه الابتسامة _ أقصد الورد.... أجابت بتلعثم ونظرتها تتهرب بحياء _ الحمد لله أنها عجبتك .... _ جدا... نطق بتلك الكلمة ببطء...ولمحة تأكيد... ولا يعقل أن تلك الباقة البسيطة تجعله يبدو هكذا...وعينيه تلتمع كأنه وجد ضالته...أو شيء كان يبحث عنه طويلا ....قال _ هي الكتب دي للبيع ولا خاصة بالمكان هنا بس أشار لديوان الشعر الذي كان يقرأ منه منذ قليل.... نظرت ليلى للمكتبه وقالت وهي تكافح كي لا يظهر عليها الارتباك التي تشعر به واكتفت قائلة _ للبيع....بس مافيش غير نسخة واحدة غير النسخة اللي قدامك دي .... هز رأسه برضاء وقال _ تمام.... عايز النسخة التانية... مضت ليلى اتجاه المكتبة وحررت ابتسامة خبأتها من عينيه ثم أخذت النسخة الاخيرة من الكتاب .... ورسمت الجدية على وجهها مرة أخرى وهي تلتفت وتعود إليه.... سألها ثمن باقة الزهور والنسختين من الكتاب ....أخبرته ....مع بعض التعجب أنه سيأخذ النسختين !! وكي لا يشعرها بالحرج أكثر من ذلك وضع المبلغ بين أوراق نسخة الكتاب التي أتت به وقدمه لها قائلا _ أنت بتحبي الشعر زيي...أعتبريها هدية ... كان وداعه ابتسامة وهو يأخذ النسخة التي كانت تقرأ فيها وباقة الزهور.....وقفت متجمدة للحظات من الدهشة ....انعقدت الكلمات بحلقها فجأة .... وحتى لو أرادت الرفض فأنه لم يترك لها فرصة ! أختفى من أمامها
گ الحلم السريع ... أخذت المبلغ ووضعته بخزينة الطاولة ثم قررت المغادرة....يكفي تلك الدقائق لليوم.... وضعت الكتاب بحقيبتها بابتسامة
10  11  12 

انت في الصفحة 11 من 29 صفحات