الأربعاء 13 نوفمبر 2024

رواية قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم

انت في الصفحة 4 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز

تلك المتشحة بالسواد الباكية في صمت بعيد عن ما حولها...والتي تلف يديها حول طفلة صغيرة لا تتعدى الخمس سنوات... قالت الممرضة بلطف _ تقدري تشوفيه بسرعة قبل الأشراف ما يجي...بس دقيقتين بالعدد..هدخلك بس عشان عياطك ده لكن أرجوك ما تتأخريش ومتجبليش الكلام..ده مش وقت زيارة أصلا.... انتفضت ليلى من جلستها وبين يديها طفلتها الشبه نائمة ...فاعترضت الممرضة وقالت _ لأ سيبي البنت هنا عشان ما تعملش صوت جوا وحد يشتكي من المرضى...بسرعة وتعالي... نظرت ليلى إلى ابنتها على ذراعيها وقالت برجاء ودموع _ بنتي زي ما أنت شايفة كده...مقدرش أسيبها لوحدها ... هزت الممرضة رأسها برفض وأسف _ في مرضى جوا مع والدك...مقدرش أجازف لو حابه تدخلي يبقى لوحدك ...أنا آسفة... امتلأت عين ليلى بالدموع والحيرة حتى بدأت الطفلة تدمع بأنين خاڤت بين ذراعيها...ربتت على ظهرها بحنان وقالت بهمس _ خليكي هنا يا حبيبتي ومش هغيب عنك.... تمسكت الطفلة بملابس أمها وبدأت تصيح وتبك بشدة..وضعتها ليلى على المقعد التي كانت تجلس عليه منذ لحظات وقلبها ينشق لبكاء صغيرتها...ولكن ما باليد حيلة. ربتت الممرضة على رأس الصغيرة ثم ذهبت لعملها مرة أخرى. دلفت ليلى للغرفة ووقع على ناظريها عدة أسرة لمرضى ...منهم المستيقظ بإعياء ومنهم التائه في نوم أو غيبوبة وتفصل بينهم ستائر زرقاء صافية اللون سميكة.. وقع نظرها على والدها المغمضة عينيه فتوجهت له في بكاء ولهفة....ارتعشت أصابعها وهي ترفعها على رأسه وتمررها بحنان وسقطت دموع عينيها على غطاء السرير الطبي وهي تقول _ أنت اللي باقيلي ....أقوى عشاني ما تسبنيش لوحدي ... وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها المعذبة الصاړخة بالدموع وهي تراه لا يستجيب لدموعها بادنى حركة.....ظلت تنظر له بحزن صامت حتى أتت الممرضة لتحذرها من البقاء.... استجابت ليلى لتحذير الممرضة وتوجها الاثنان نحو باب الخروج ...حتى سألت ليلى الممرضة بقلق ونظرة خائڤة _ هو ممكن تستنوا بس اسبوعين لحد ما ادبر فلوس وادفع مصاريف المستشفى أصل حد جالي من شوية وطلب مني أروح الحسابات... تنهدت پخوف ودموع طفرت من ضعفها وقلة حيلتها...تابعت _ والدي حالته ما تسمحش أن يتنقل تاني من المستشفى...المستشفى اللي روحتها امبارح قبل ما أجي هنا رفضوا استقباله...طب اعمل إيه واروح فين ولا أسيبه ېموت! أشفقت الممرضة على حالة ليلى وقالت بأسف _ بصراحة مش عارفة أفيدك لأني لسه جديدة هنا...بس أنصحك تروحي الإدارة وتتكلمي معاهم...لو ظروفك صعبة أوي ممكن يتساهلوا معاك .... قالت ليلى بعيون حمرا باكية يلتهب فيها الدمع _ ظروفي أصعب مما تتخيلي...أنا بعت بيتنا بسبب المستشفيات...يعني حتى أنا مش عارفة لو خرجت هروح فين ! أطرفت عينا الممرضة بظلال شفقة وأسى على حالة تلك المرأة ذات الرداء الأسود ....قالت بلطف _ طب عندي اقتراح يمكن يساعدك...ما تروحيش لحد...استني دكتور... قطع حديث الممرضة شهقة من فم ليلى عندما نظرت بالصدفة لمدخل الباب المفتوح ولم تجد أبنتها كما تركتها ! ركضت بالممر الخارجي تنظر بجميع الاتجاهات بقلب كاد يتوقف من الذعر...وصاحت _ بنتي فين ! ... ثم صاحت تنادي بجميع الاتجاهات پخوف شديد _ ريميه ! .... خرج من المصعد ذلك الوجيه بالطابق الثالث بتعابير وجهه الجليدية القاسېة....بعدما تعهد بنسيانها...ملأ قلبه من الذكريات قبل المغادرة نهائيا من براثنها الباقية... كفى ألم...كفى عذاب...لما يظل على العهد بينما خانت أغلى ذكرى كانت بينهما! ليته رأى ذلك الكتاب منذ زمن! توجه إلى مكتبه بآخر الممر حتى أوقفه شيء وجعله شاخص البصر في صمت....! طفلة صغيرة تستند على الجدران ويبدو من ذراعها الممدود للأمام لتستكشف أي عثرة لتتفاداها أنها ...كفيفة ! ظل يتأملها في دقة قلب غريبة..هل بسبب حالتها هذه أم لشيء يجهله! مضى إليها برشاقة حتى وقفت الطفلة ووضعت أصبعها في فمها بملامح عابسة ونظرات خوف عندما شعرت بخطوات تقترب. قال وجيه بصوت هادئ عادة لا يخرج بذلك الهدوء إلا مع المرضى _ بتعملي إيه هنا وجاية مع مين ! صدقت ظنونه عندما وجد الطفلة ترفع رأسها ذو الجديلة السوداء الطويلة على جسدها الصغير... وتنظر بعيدا بعض الشيء عن اتجاهه الصحيح...أجابت بصوت ضعيف به تهدج البكاء _ مع ماما ... انحنى لمستوى طولها القصير ..... ليسمع صوتها بشكل أوضح ولكن هزه شكل عينيها العسليتان المماثلة لعينان كعينان الريم... محفورتان بقلبه للأبد ...عميقة العينين بلونهما العسلي ذو البريق الأخاذ...تنهد بعمق ونفض تلك الخاطرة بالكاد... وقال بخشونة _ وفين مامتك ... ارتعشت ملامح الصغيرة وبكت عندما تذكرت ترك أمها لها ...قالت وهي تمسح عينيها بقبضتيها الصغيرتان _ سيبتها ...عشان سابتني ... رق قلب وجيه للصغيرة فقال بلطف _ تعالي معايا المكتب وقوليلي سابتك ليه...هبعت اجيبهالك.. اطرفت الصغيرة عينيها عدة مرات.... وكأنها تفكر بالعرض المطروح... فابتسم وجيه ابتسامة بسيطة لحيرتها الواضحة... ثم حملها بخفة حتى مكتبه... وبداخل مكتبه..... وضعها على المكتب الخشبي العريض من خشب الزان المنقوش بحرافية... ثم جر مقعده الجلدي وجلس أمامها قائلا باستفسار _ اسمك إيه الأول ... كانت الصغيرة لا تزال تضع أصبعها بفمها....رفعت أصابع قبضتها الأخرى ومررتها على وجهه برقة لاكتشاف منحنيات ملامحه مثلما اعتادت مع كل غريب تراه.... وتصر مع كل غريب أنه ذاك الغريب... البطل الخارق لحكايات قبل النوم التي سردتها لها والدتها مؤخرا....... ثم ابتسمت وكأنها تذكرت شيء !! تعجب وجيه من أمرها فكرر سؤاله... وعندما نطقت الطفلة أجابت بشيء غير متوقع _ الشاطر وجيه .... حملق وجيه عينيه في دهشة ! حتى اتسعت ابتسامتها بعينيها الدامعتان ...وأجابت على سؤاله أخيرا وهي تنظر بعيدا عن عينيه _ اسمي... ريميه.. انتفض وجيه من مقعده ووقف متيبس الحركة أمامها... ريميه..!! ذلك الاسم الغالي أيضا...الذي كان من المفترض أن يسمي به ابنته المستقبلية... اتفاق ساذج مع امرأة غدرت به وتركته يتلوى پألم الفراق وحده !....ريميه صفة وصف عينيها الخائڼة...ريمية العينان الممثلتان للعسل الصافي...اوقعان قلبه مع أول رمقة..! نطق أخيرا وشيء يعتصر قلبه من ذكرى ليلته التي تأبى مفارقته حتى بالصدف!....تساءل بحيرة _ عرفتي اسمي منين ! ... توترت ملامح الصغيرة من نبرته الحادة وقالت پخوف _ من الحدوته ... حدوته ! كرر الكلمة بعدم فهم...لا يستطع فهم ما يحدث ... وقف أمامها كالتمثال لا يستوعب شيء ...حتى كاد يتحدث ويستفسر منها عن بعض الأشياء التي شك بها..لتأتي فجأة امرأة الرداء الأسود .... مثلما رآها أول مرة... رمزها رمز الأسود التي تخضبه بقلب من يجترأ على الاقتراب....هي..نعم هي....!! راكضة.. صاړخة... باكية... بقلب ملتاع على أبنتها الصغيرة التي لم تتركها بمفردها ولو لدقيقة منذ ولادتها...هرولت إلى أبنتها دون أن تكتشف من هو الرجل الذي يواليها ظهره بجسده الضخم... هتفت باسم ابنتها...ضمتها ...معتذرة متأسفة باكية كل هذا أمام عينيه الذي ضج الرعد منهما وهو ينظر لها بنظرات ڼارية گ الجمر المتأجج بڼار ۏحشية.... القلب جانبا أم أنه سيد الموقف ! استقامت ليلى لتسأل
الرجل الغريب عن سبب

انت في الصفحة 4 من 29 صفحات