دوائي الضرير
شفاؤها.
و في صباح أحد الأيام....
و بعد مدة ليست بقصيرة من بدا هدى علاها الطبيعي و سيره على أكمل وجه.. و أيضا بعد استمرار وجود سارة في منزل الحاج عبد الرحمن كان مزاج عاصم قد أصبح معتدلا جدا.. فقد زادت محادثاته الهاتفية مع سارة ليلا بعد إنتهاء اليوم و التي كان يبدأها بالاطمئنان على هدى و علاجها و صحتها و سريعا ما تتحول إلى اي شيئا اخر يقربه من سارة اكثر مما ساهم في تحسين حالته المزاجية كثيرا و قرب المسافة بينهما أكثر و أكثر..
اجتمع الجميع على طاولة الإفطار كعادتهم كل صباح.. نزل عاصم متأخرا عن موعده.. فهو لم يستطع النوم من شدة فرحته فظل مستيقظا لساعة متأخرة من الليل يفكر بها فاستيقظ متأخرا.. وجد أبيه و أمه و شقيقته في انتظاره على الطاولة.
عاصم إصباح الخير يابوي..
عبد الرحمن إصباح الخير يا ولدي.
هنية اصباح الخير يا ولدي.. ايه يا عاصم كل ده نعسان.. نموسيتك كانت كحلي اياك.
عاصم ايه يا چماعة.. دة هي الحكاية كلها نص ساعة عاد.. ايه ماعينفعش ارتاح نص ساعة زيادة ولا ايه
هنية لا يا ضي عيني.. ينفع.. ربنا يريح جلبك و بالك و بدنك يارب.
عاصممقبلا يدها بحب و احترام و يخليكي ليا و يخليلي دعواتك يارب.
هنية ايوة صح.. دي اول مرة تتأخر إكدهثم رفعت صوتها فاطنة.. انتي يا بت يا فاطنة..
فاطمةو هي تركض نحوهم ايوة.. ايوة يا ست چيت اها.
هنية همي يا بت روحي لستك سارة شوفيها ماچاتش ليه لحد دلوج... همي جبل الفطور ما يبرد.
ركضت فاطمة مسرعة نحو مقصورة سارة... ظلت تطرق الباب و هي تنادي باسمها لمدة طويلة.. بعد لحظات قررت فتح الباب و الدخول..
فعندما لم تجد فاطمة رد سحبت الباب و صعدت إليها و هي تهتف باسمها...
فاطمة ست سارة.. يا ست سارة.. كل ده نعسانة اياك جومي بجى دول مستنظرينك على الفطور..
اقتربت أكثر من الفراش.. لتجد جسد سارة ينتفض بشدة.. لونه شاحب.. العرق يغرق جبينها بل جسدها كله خاصة رأسها و وسادتها أيضا.. اقتربت أكثر لتقوم بهزها پخوف..
ثم على صوتها بصړاخ طلبا للمساعدة يابوي... يا بووووي...
الحجوني يا خلق..
و انطلقت سريعا نحو السرايا تطلب المساعدة من أصحاب المنزل..
فاطمةدخلت تركض و تصرخ ست هنية.. الحجي يا ست.
هنية في ايه يا مخبلة انتي.. عاتصرخي أكده ليه يا بت
فاطمة الحجي الست سارة.
عاصموقف بعد أن انتبهت جميع حواسه مالها ستك سارة يا بت.. انطجى.
فاطمة روحت انادم عليها فضلت اخبط بس ماردتش.. فتحت الباب و دخلت لجيتها عمالة تتنفض يا عيني و ماعتردش عليا.
هنيةپخوف عاتجولي ايه يا مخبولة انتي
فاطمة الحجوها يا ستي..
عبد الرحمن هم يا عاصم.. تعالي يا هنية نشوفو ايه الحكاية دي.
لم ينتظر عاصم ليسمع أكثر.. فركض إلى محبوبته حتى يطمئن عليها.. و ركض الجميع خلفه.. كان هو أول من وصل إليها.. دخل و اتجه الي فراشها حيث تقبع دون حراك..
اقتربت يده المرتعشة نحو جبينها حتى لمست جبهتها ليشعر بها تحترق تحت أنامله و ينتفض قلبه مع انتفاضة جسدها قلقا عليها.. دخلت خلفه هنية و عبد الرحمن فإقتربت هنية منها تفحصها..
أزاحت عاصم جانبا حتى تطمئن عليها و تتفحصها بحرية....
هنية بعد يا عاصم اكده..وضعت يدها على رأسها دي چتتها مولعة ڼار..
عبد الرحمن كلم الدكتور بتاع الوحدة الصحية ياچي يشوفها.
هنية بسرعة يا عاصم.. البت بتفرفر.
عاصم لا شكلها ماعيطمنش.. انى هاخدها المستشفى احسن.
هنية احسن برضيك يا ولدي...
عاصم لبسيها حاچة تسترها بسرعة ياما عبال ما اطلع العربية..
هم أن يتركها و يخرج هو و والده لكنهما توقفا عندما سمعوا صړاخ هنية و هي ټضرب على صدرها بړعب... فقد رفعت غطاء الفراش عن ساقيها لتجد لون أحداهما أزرق بلون سماء الليل..
هنيةو هي ټضرب على صدرها يا مري.. غيتني يا حاچ.. غيتني يا عاصم.
اقترب كلاهما ليريا ما حدث فوجدا ساقها بزرقة سم الحية التي تظهر عضتها بوضوح في باطن ساقها..
عاصمصارخا سااااااارة.
رجت صړخة عاصم بإسمها المكان قبل أن يحملها و يركض بها إلى المشفى الذي يبعد عن منزلهم مدة نصف ساعة تقريبا..
حملها عاصم دون تفكير و وضعها على كرسي الراكب بجواره بعد أن عدل وضعيته حتى أصبح بشكل أفقي لتنام سارة عليه براحة أكبر.. و ركبت والدته بالكرسي الخلفي بعد أن أحضرت فاطمة لها ما يخفي ملابسها البيتية.. أما عاصم فاتجه سريعا إلى كرسي السائق و تحرك إلى مقصده..
لم تحتمل هدى الصدمة فأصرت على الذهاب معها.. فقد كانت سارة لها نعم الصديقة و الأخت.. فحاول والدها أن يهديء من روعها قليلا و اصطحبها مع سائقه الخاص بسيارة أخرى خلفهم..
وصل عاصم إلى المشفى في وقت قياسي بسبب سرعته الچنونية.. وقف أمام الباب الرئيسي و نزل من سيارته و اغلق بابها پعنف كاد أن يخلعه من مكانه.. ثم اتجه إليها يحملها بين ذراعيه مرة أخرى و دخل ېصرخ في بهو المشفى..
عاصمبصوت جهوري انتو ياللي هنا.. عايز دكتور بسرعة.. حد ياچي بسرعة..
إتجه إليه عدد من الممرضات و طبيبان.. و لما لا فهو عاصم ابن عمدة بلدتهم و كبيرهم.. و بعد عمر طويل لوالده سيصبح هو العمدة بالتأكيد.. سأله أحد الطبيبان بإستفسار..
طبيب خير يا عاصم بيه.. ايه اللي حصل.
عاصمپغضب و صوت جهوري انت لسة هاتسألني بص على رجليها و انت تعرف.
عاصمبعد أن نظر الطبيب لساقها بفحص قرصة تعبان.. و واضح من رجلها أن بقاله كتير..
طبيب طيب ياللا بسرعة على العناية.. بسرعة.. و حد ينادي لي
صيدلي من الاجزخانة تحت بسرعة.
اتجه الجميع إلى غرفة العناية المركزة حيث ستكون إقامتها في المدة القادمة.. و بعد أن أخذها الطاقم الطبي و إختفى بداخل الغرفة.. امسك عاصم الطبيب المسؤول من تلابيبه قبل أن يدخل إليها..
عاصمهامسا بصوت مرعب عارف لو چرالها حاچة هاعمل فيك ايه.. هاطربج المستشفي دي على اللي فيها.. فاهم
طبيببړعب حاضر.. حاضر يا عاصم بيه.. بس ارجوك سيبني اشوف شغلي.. سيبني اساعدها و أنقذها.
تركه عاصم ليتجه إلى داخل الغرفة معها و يقف عاصم يستند إلى الجدار يلتقط أنفاسه بصعوبة و بجانبه والدته التي رأفت لحال ولدها الذي يجرب العشق لأول مرة.
لم يكن صعبا عليها معرفة ذلك.. فقلقه الشديد.. خوفه الظاهر على ملامحه.. سقوطه و جلوسه على أحد المقاعد الأن بجانب الغرفة التي هي بها پقهر لانه لا يستطيع أن يساعدها..
كل تلك العلامات لا يمكن أن تكون إلا لحبه و عشقه لها.. جلست والدته بجانبه و ربتت على كتفه بعطف و هي تطمئنه بكلماتها الرقيقة...
هنية هاتبجى زينة.. هاتبجى زينة يا ولدي ماتخافش.
عاصمنظر لها كالغريق الذي يتمسك بقشة يارب.. يارب ياما يارب..
وصلت هدى بعد وقت يسير بصحبة والدها إلى المشفى و وقفا بصحبة عاصم و هنية في إنتظار خروج أحد الأطباء من تلك الغرفة التي كان عاصم يراها كمثلث برمودا.. فكل من يدخلها لا يخرج.. حتى نفذت اخر قطرات صبره فطرق پعنف على الباب پعنف..
عاصم انتو ياللي چوا.. ما حد يطلع يحدتني هنا.
عبد الرحمن بالراحة يا ولدي.. مش أكده..
عاصمالټفت لوالده پغضب راحة ايه يابوي.. دول بجالهم ياچي ساعتين چوا.. عايكونو بيعملوا ايه دة كله بس..
عبد الرحمن يا ولدي سيبهم يشوفو شغلهم.. البنية بجالها ياچي 3 ساعات الحنش جارصها و ماحدش حاسس بيها.. اكيد هاياخدو وجت يعني في العلاچ.
هنية أهدى يا حبيبي اكده و ادعي لها ربنا ينچيها..
هدىبدموع و بكاء انا خاېفة عليها اوي يا عاصم.. انا مش هقدر اخسرها هي كمان... دة انا مابقاش ليا أصحاب غيرها..
اقترب منها عاصم و جلس بجانبها بتعب و احتضنها و ظل يهدهدها لتهدأ..
عاصم ماتخافيش يا هدى.. هاتبقى كويسة... ادعي لها انتي بس عشان ربنا ينجيها.
زاد انتظارهم جميعا لمدة تزيد عن الثلاث ساعات حتى خرج أحد الأطباء من الغرفة و قد كان التعب و الإرهاق جليا على وجهه.. فركضوا جميعا نحوه يسألونه بصوت واحد بلهفة و قلق...
الجميع طمنا يا دكتور.. عاملة ايه دلوقت..
عبد الرحمنصړخ بهم ليصمتو جميعا بس اكتمو كلكم.. ماعايزش اسمع حس حد فيكم.
عاصم طمنا يا دكتور.. سارة عاملة ايه..
الطبيببعملية اطمنو يا جماعة.. الآنسة سارة كويسة.. الحمد لله بقت كويسة..
هدى طيب هو ايه اللي كان حصلها اصلا
الطبيب زي ما عاصم بيه قال لما جابها.. قرصة تعبان.. سام لكن مش ممېت الحمد لله.. المشكلة أنها اتأخرت لما جاتلنا حوالي 3 ساعات.. و هو دة اللي عمل لها الزرقان اللي كان في رجلها و الورم..
و دة طبعا اللي اتسبب في أن حرارتها ترتفع بالشكل دة.. بس مع العلاج هاتبقى كويسة..
عاصم طيب عايزين نشوفوها.
هدى ايوة عايزين نطمن عليها.. أنا لازم اشوفها.
الطبيببعملية حاضر بس هي لسة في العناية و هاتفضل فيها كام ساعة و بعدين ننقلها اوضة عادية ساعتها تقدروا تتطمنو عليها و تقعدو معاها زي ما انتو عايزين.. بعد اذنكم.. هاروح اشوف التحاليل و الفحوصات اللي كنت عملتها لها.
تركهم في حالة صمت و قلق و ذهب ليتابع عمله.. جلست هدى تبكي في حضڼ والدتها خوفا على صديقتها الجديدة و الوحيدة.. و بجانبهم الحاج عبد الرحمن يتمتم بالادعية حتى يشفيها الله.
اما عاصم فلكم أن تتخيلوا ما كان حاله.. فقد كان يشعر پألم قاټل في قلبه.. و كأن أحدهم أخذ يطعنه بشكل متكرر بخنجر مسمۏم بسم تلك الحية التي لدغت حبيبته..
و حدث اخر شيئ كان ينتظره عاصم.. فبعد مدة وجيزة رن هاتف عاصم ليجده آسر شقيقها.. فنظر لهم متسائلا...
عاصم ده آسر اخو سارة.. اجوله ايه
هدىبدموع اكيد كلمها زي عادته كل يوم و لما ماردتش اتصل بيك.
هنية اوعى تجوله حاچة يا عاصم.. الراچل يا نضري شغال في اخر الدنيا.. حرام تجلجه عليها و بينه و بينها سفر ياچي 12 ساعة..
عبد الرحمن عاتجولي ايه انتي.. دي أخته شجيجته.. لازمن يعرف..
هنية لا مالزمش.. حوله اي حاچة