تائهة بين جدران قلبه بقلم دعاء فؤاد
النزول و ود لو قام من مكانه و احتضن وجهها بين كفيه و قال لها لا تتركينى.. سأفتقدك.. سأشتاق إليكى.. ستأخذين روحى معكى و لكنه قال لها لكى يخفف عنها قليلا لو احتاجتى أى حاجة أنا موجود متتكسفيش.. تمام!
أماءت له موافقة بصمت فصوتها قد اختنق من الدموع و لم تستطع تحريره فودت لو تهرب الآن من أمامه لتترك لدموعها و لصوتها العنان تريد أن تبكى و تصرخ.
فرت سريعا من أمامه و كأنها كانت أسيرة و أطلق سراحها و خرجت من الشركة بأكملها لا تعلم أين ستذهب و لكنها تريد أن تختفى فى هذا الوقت لكى تتخلص من كل ما بداخلها من مكبوتات.
جاء اليوم المحدد لاتمام عقد قران لينا و رأفت.. كان حفلا بسيطا أقيم فى شقتهم الصغيرة اقتصر على حضور اسرة لينا و اعمامها و أسرة رأفت المكونة من طفليه و والدته و شقيقتان متزوجتان.
كانت لينا تحاول ان ترسم السعادة على ملامحها علها تستعيد رضاء أبيها مرة أخرى فذلك اصبح كل ما ترنو اليه طيلة الفترة الماضية تفكر فى تدابير ربها لها فهى التى رفضت مصطفى ذلك الشاب الذى
تم عقد القران و تعالت الزغاريد و تلقى رأفت و لينا التبريكات و التهاني من أفراد العائلتين ثم امسك طفليه و توجه بهما ليعرفهما على لينا.
رأفت بسعادة ألف مبروك يا عروسة.
جلس بجانبها و اجلس طفليه على فخذيه و قال لها اعرفك بقى دى ريم الكبيرة فى اولى ابتدائى و دا رامى فى اولى حضانة.
نظرت للطفلين فرأت فيهم براءة و خجل لم تعهدهما من قبلرغم كل ما اقترفته من موبقات و قالت له ان شاء الله.. ربنا يخليهم لنا و يباركلنا فيهم.
كاد عقله ان يطير من كلماتها المعبرة فهى قد نصبت نفسها اما لهما بعد هذا الكلام فحمد الله انه رزقه أما كهذه.
اجتمعت العائلة فى المساء فى غرفة الصالون يحتسون الشاى بعدما تناولوا وجبة العشاء.
غمز يوسف لاخيه باحدى عينيه يحثه على بدأ التحدث فأماء له بالايجاب و اتجه بنظره الى عمه و قال احمم... عمى كنت عايز ابلغك انى كنت نازل اساسا عشان أخدكو معايا لندن عشان عايز أخطب بنت اتعرفت عليها هناك.
اندهش عمه من هذه المفاجأة و لكن انفرجت أساريره و هنئه قائلا دا أحسن خبر سمعته بعد خروج يوسف بالسلامة من المستشفى.. الف الف مبروك ياحبيبى.. تعالى يبنى ف حضنى تعالى.. و فتح له ذراعيه فنهض يحيى و بادله الاحتضان قائلا الله يبارك فيك يا عمى.. ربنا يخليك لينا يا رب.
العم يااااه.. إخيرا هشوف حد فيكم عريس!
سهيلة بفرح ألف مبروك يا يحيى.. هنشوف العروسة امتى بقى!
يحيى أطمن على يوسف و يخف خالص و بعدين هحجز لينا كلنا تذاكر للندن... دا بعد اذن حضرتك طبعا يا عمى.
العم اللى تشوفوه يا حبيبى.. دا اليوم اللى كنت بتمناه من زمان انى أشوفك انت و أخوك عرسان.
انتاب يوسف حالة من الارتباك على اثر كلمات عمه فأراد أن يغير مجرى الحديث فقال بمرح مش هتصدق يا عمى ان العروسة فلسطينية!
العم معقول!
يحيى أيوة يا عمى فعلا
ردت سهيلة بمرح لااااا.. دا انت تحكيلنا كل حاجة من الألف للياء
قص عليهما بداية معرفته بديما و كل ما مر بهما من مواقف انتهاء بطلبه خطبتها من والدها.
بعدما انتهى يحيى قال له عمه خلاص يا يحيى على بركة الله.. ثم نظر ليوسف نظرة ذات مغذى و قال عقبالك يا يوسف.. كان المفروض نفرح بيك انت الأول... انت الكبير.
فهم يوسف جيدا نظرة و مقصد عمه فرد بمراوغة كل شيئ بأوان يا عمى و أنا و يحيى واحد.
العم ربنا يخليكو لبعض يبنى.
رد الجميع اللهم آمين.
فى منزل لينا....
انتهى حفل عقد القران و ذهب كل الى منزله بينما والد ديما جلس على احدى المقاعد بشرفة شقته يحتس الشاى و تراوده الأفكار بأن يصفح عن ابنته بعدما رأى منها حسن النية و التصرف مع زوجها و بينما هو فى خضم شروده دخلت اليه بالشرفة و حمحمت بتوتر قائلة احم... بابا
رفه بصره اليها و نظر لها نظرة عطف فحثتها تلك النظرة على المضى قدما فيما كانت تنتوى قوله لابيها فاسترسلت قائلة مش ناوى تسامحنى بقى يا بابا... انا ندمانة.. و الله العظيم ندمانة أشد الندم مش عارفة أنا ازاى طاوعتنى نفسى تعمل كدا... ثم أجهشت فى بكاء مرير و بركت على ركبتيها امام أبيها تمسك بكفيه و تقبلهما بندم حقيقى و هى تقول عشان خاطري سامحنى انا عرفت غلطتى و أوعدك مش هتشوف منى اى حاجة غلط تانى.. عشان خاطرى يا بابا.
ربت الاب على رأسها قائلا ارفعى راسك و
بصيلى.
رفعت راسها له فاكمل قائلا عايزانى أسامحك!
هزت راسها بأمل عدة مرات فقال اوعدينى انك تعاملى رأفت و عياله أحسن معاملة و تتقى ربنا فيهم... غير كدا انسى ان ليكى أب.
ردت بلهفة و سعادة اوعدك... اوعدك انى هتقى ربنا فيهم بس انت سامحنى عشان اعرف اكمل حياتى..تأنيب الضمير ھيموتنى يا بابا.
ابتسم الأب براحة و ربت على كتفيها قائلا خلاص يا حبيبتى سامحتك و نسيت كل اللي فات و من النهاردة هنبدأ مع بعض صفحة جديدة.
احتلتها سعادة عارمة و نهضت تجفف دموعها و تقبل رأس أبيها و يديه و هى تقول ربنا يخليك ليا يا رب و ان شاء الله هكون عند حسن ظنك و هتلاقينى لينا تانية خالص غير اللى انت عارفها.
ابتسم الاب بسعادة و حمد ربه أن أعاد لابنته رشدها و دعا لها بالهداية.
فى فيلا راشد سليمان...
كان يوسف يفكر بزينة يلعن حبه لها الذى أصبح كالمړض الذى تملك منه حتى أصبح شفائه مستحيلا فاختنقت روحه من كثرة التفكير و أحس بخطړ هذا المړض عليه فذهب لشقيقه و صديقه فى غرفته ليتحدث معه عله يهون عليه قليلا...
يوسف انا تعبت يا يحيى... بقالى تلت تيام مشوفتهاش بس مبتروحش من بالى و مش قادر أبطل تفكير فيها..
يحيى بجدية يوسف هتسمع نصيحتى!
يوسف قول
يحيى بكرة ان شاء الله تطلب ايد سهيلة من عمك.
يوسف پصدمة انت بتقول ايه.. لا لا.. مش متخيلها مراتى... إذا كان عمرى ما عرفت اتخيلها مراتى قبل ما اشوف زينة هتخيلها دلوقتى و انا بحب غيرها!
يحيى قولتلك قبل كدا حط نفسك قدام الامر الواقع.. بمعنى أصح إجبر نفسك عليها الموضوع فى أوله صعب بس بعد كدا شوية شوية هتتعود.
يوسف الكلام اللى بتقوله دا ممكن يحصل لو كان القلب خالى... بس ف حالتى دى صعب اوى.
يحيى ماهو انت بكل الطرق مش هينفع تتجوز زينة..يا أخى أجبر بخاطر عمك و فرحه طالما الفرحة كدا كدا مش مكتوبالك.
يوسف بعدم اقتناع حاضر يا يحيى... هصلى صلاة استخارة و اللى عايزو ربنا هو اللى هيكون.
يحيى و نعم بالله.. ربنا يقدملك اللى فيه الخير يا حبيبى
يوسف ربنا يخليك ليا يا حبيبى و ميحرمنى منك ابدا.
فى صباح اليوم التالى...
نهض يوسف من نومه متخذا قراره الحاسم بعد تفكير دام طيلة الليل و بعد إن إستخار الله و عزم أمره أن يتقدم لخطبة سهيلة من عمه بعد عودته من الشركة و دعى الله ألا يرى زينة اليوم حتى لا يتراجع عن قراره.
مر اليوم بسلام كما أراد و عندما انهى عمله و نزل لكى يستقل سيارته و حين هم بفتح باب السيارة توقف هندما سمعها تناديه فأغمض عينيه پألم فذلك كان آخر شيئ يريده ان يحدث الان فاستدار لها و اقتربت منه تسأله ببراءة و حب ازى حضرتك يا مستر يوسف.
يوسف باقتضاب تمام الحمد لله.
زينة بلجلجة فة الحديث ايييي.. أنا.. أنا كنت عايزة أطمن على حضرتك بس.. و الله بكون عايزة آجى لحضرتك المكتب بس مشغولة جدا ف القسم.
يوسف بجدية و اقتضاب مفيش داعى انا بقيت كويس.. يا ريت بقى تروحى عشان ميصحش وقفتك معايا كدا... ثظ تركها تنظر فى أثره پصدمة و ركب سيارته و انطلق الى منزله.
بينما هى ظلت واقفة مكانها لا تصدق أن هذا يوسف الذى كانت عينيه تلتمع من العشق عندما ينظر لها و نبرته يملأها الحنان عندما يتحدث إليها هل كانت تتوهم أنه يحبها لما تغير معها و سلك معها مسلك الجفاء بهذه الطريقة هل لأنها ابتعدت عن مرئى عينيه! فأصبحت شخصا عاديا بالنسبة له!
ظلت الأفكار السيئة تعصف بعقلها و لم تجد بدا من الذهاب لسكنها الآن و لترى ماذا سيحدث بالأيام القادمة و لكنها لن تيأس و لن تستسلم و سوف تحارب من أجل إستعادة إهتمامه بها مرة أخرى... هكذا عزمت فى قرارة نفسها.
الفصول الاخيرة
الفصل السادس و العشرون
فى فيلا راشد سليمان...
بمجرد أن وصل يوسف للفيلا صعد لغرفته مباشرة حتى لا يراه أحد و هو فى تلك الحالة من العصبية الشديدة دخل غرفته و أغلقها جيدا ثم نزع ربطة عنقه پعنف و وقف أمام المرآة ينظر لنفسه و هو
يقول بغل شديد أنا بكرهك.. بكرهك ثم كسر المرآة بقبضة يده السليمة بعصبية مفرطة و هو يقول بكرهك.. ليه تجرحها كدا! .. ليه!
ثم
توقف و أخذ ينظم أنفاسه المتلاحقة و يتذكر زينة و صډمتها عندما تجاهلها متعمدا و ركب سيارته و تركها فهو أصبح يكره نفسه لأنه فى كل مرة يراها ېجرحها و يتركها مصډومة لا يريد رؤيتها مرة أخرى حتى لا يمقت نفسه أكثر من ذلك.
أخذ يوسف حماما عله يهدأ قليلا و توضأ و صلى وأخذ يدعو الله أن يوفقه لما فيه الخير أنهى صلاته و استدعى سعاد لكى تنظف الغرفة و بعد ذلك نام
لكى يأخذ قسطا من الراحة ترقبا لمقابلة عمه ليلا لاتخاذ الخطوة التى