رواية قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم
وهي تسرع لغرفتها لتذهب للعمل _ أنا هروح شغلي بعد اذنك يا جدي....استأذنت ساعة على ما صحيت وحضرتلك الفطار...تطلب أي حاجة قبل ما أمشي .... ابتسم لها الجد بابتسامة تبدو طبيعية _ لا يا بنتي ...روحي أنت .... تعجبت ليلى من ابتسامته التي ظهرت أخيرا وتأملت أن يكن ورائها شيء من التراجع ....استعدت خلال دقائق وخرجت من غرفتها حاملة حقيبتها الصغيرة .....كادت أن تفتح الباب لتغادر حتى تفاجئت بشاب ثلاثيني ... نظراته خبيثة لدرجة كبيرة ....عينيه سوداء بها مزيج من لون مدمم على جوانبها...! وبأصبعه الصغير باليد اليسرى خاتم فضي به فص كبير أسود....يلف حول كتفيه لثام رجالي من النوع الكبير الحجم ويتخلله اللون الأبيض المقلم مع الأسود ..... اطلق نظرة متفحصة عليها ثم قال _ صباح الخير يا ليلى ... شعرت ليلى بضيق شديد من وجوده المفاجئ ولكنها اجابت بثبات _ صباح الخير يا صالح .... جدي جوا .... استأذن أنا ... رفع حاجبيه كأن ذلك لافته للرفض وقال بصوت حاد _ هي دي ضيافتك ليا يا ست البنات ! ده أنا قبل أي شيء ممكن يحصل ...أبن عمك ! رفعت رأسها لعينيه بقوة وحدجته بنظرة غاضبة وتمنت أن يكن ظنها خاطئ .... قالت بنرفزة وهي تلبس حذائها وتجنبته تماما _ جدي جوا بيفطر ...ادخل افطر معاه أنت مش غريب يا صالح ...أنت أخويا ... رمت جملتها عن قصد وغادرت المكان ...وقف صالح يتأمل خطواتها المبتعدة بنظرة واعدة ....شيء كان يلتهف إليه بكامل رغبته وفجأة أصبح بين يديه على طبق من ذهب ..! دلف صالح للشقة الصغيرة البسيطة بالنسبة للثراء الذي يتململ فيه ليلا نهار....ورحب به الجد ويبدو أنه كان يعرف بمجيئه .... قال الجد وهو يلوك الطعام بفمه في شهية _ تعالى أفطر معايا .... على اد حالتهم ضيق وفقر بس الواحد شبع نوم هنا وبياكل بشبع ..! تمتم صالح بعض الكلمات في نظرة بعيدة _ مش أي حاجة بتشبعني يا حج صادق .... بس آن الأوان ... في طريقها للعمل ...كانت تجلس بأحد الأتوبيسات الشعبية ..جلست بجانب النافذة وشردت بضيق يخنق أنفاسها ....مشهد قديم ولكنه گ عاصفة من الدخان لا تزول ...تختنق كلما اذكرته ..... كانت بذات يوم في المنزل الكبير ...بعدما تزوجت شقيقتها هذا الرجل الغامض والمريب ....والذي كانت قصة غامضة أيضا حدثت سريعا دون أن يدرك أحد.... في هذا اليوم كانت تمكث في منزل جدها الشبيه بالقصور ...بالأخص في غرفة بالطابق الثاني بجانب غرفة شقيقتها ....وكان صالح مسافرا في أحد البلدان لمهام تخص أعمال مصانع العائلة للأخشاب ... نهضت ليلى في ساعة متأخرة من الليل ...تحديدا كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ...ثم شعرت بدق على باب غرفتها .... قبل أن تفتح الباب نظرت لنفسها بالمرآة بملابس نومها الخفيفة التي تكشف ذراعيها وعنقها بالكامل ...وبنطال قطني يفصل أنحناءات ساقيها تفصليا ...ولكنها ما كانت تستخدمه سوى للنوم ولم يرها مخلوق عدى شقيقتها ووالدها بمرات قليلة .... قالت قبل أن تفتح الباب _ مين ! انتبهت لصوت شقيقتها صافية _ أنا صافية يا ليلى ...أفتحي مټخافيش ... تنفست ليلى الصعداء واسرعت لتفتح الباب ...لتجد شقيقتها تضع يدها على رأسها ويبدو أنها تشعر بألام الصداع ....تساءلت بقلق _ مالك يا صافية ! ابتلعت صافية ريقها بقوة وقالت بوجه شاحب _ مش عارفة ....بقالي فترة بيجيلي صداع فظيع ...مش بيهدا غير بالعلاج بتاعي بس للأسف العلاج خلص وصالح مسافر .... شعرت ليلى بالعجز فتابعت صافية _ تعالي اقعدي معايا ...أنا بخاف من البيت ده واللي فيه ...لما صالح بيسافر بفضل صاحية طول الليل ... قالت ليلى برقة _ حاضر ....هلبس جاكيت البچامة وجاية معاك... بعد لحظات كانت ليلى تتمدد بجانب شقيقتها بعدما خلعت تلك القطعة من الملابس مرة أخرى لتنام بذراعي مكشوفة ..وبينهما طفل صغير رضيع هو أبن صافية الذي ولد منذ أسابيع قليلة ... كانت عيون صافية شاردة ...بها حزن مكتوم ...شيء مغلوب على أمره ....رمقتها ليلى بتعجب وقالت _ ليه حاسة من فترة كبيرة أنك حزينة يا صافية ! أنت خدتي اللي بتحبيه ومشاء الله مش مخليك عايزة حاجة وكمان قاعدة في بيت العيلة الكبيرة ....ليه بقى الحزن ده ! تنهدت صافية بشيء من المرارة مر بعينيها ثم قالت _ حب ! أنا قربت أصدق أن مافيش حاجة اسمها حب أصلا ...نامي يا ليلى ...الوقت متأخر .... قالت ليلى بدهشة _ لأ مش هنام ...في إيه مالك ! تأفتت صافية بضيق وقالت _ خلاص هنام أنا .... أغلقت عينيها وصمتت...تطلعت بها ليلى بقلق وعلمت أن هناك ما يشغلها ويورقها لتقل ذلك...لم يكن سبيل أن تعرف ما بشقيقتها بهذا الوقت فأغمضت عينيها وحاولت النوم .... لم تستطع بسهولة أن تغفو ولكنها بالاخير سبتت سبات عميق ... عند الفجر .... لم يكن أي من في المنزل يعرف صالح سيعود اليوم ... هو نفسه لم يرتب لذلك ولكن انتهى عمله وزيارته السريعة وعاد دون أن يخبر احدا....ارتقى الدرجات وبفمه سيجارته التي ينفث منها الدخان بشراهة .... فتح باب غرفته گ المعتاد ليجد الغرفة تغط في ظلمة حالكة ...فأضاء المصباح ليتسمر فجأة بشيء سرق انتباهه .... زوجته تنام في فراشهما وبجانبها الرضيع گ المعتاد ...ولكن زاد على المشهد شيء آخر ....شقيقتها ليلى بملابس رغم انها تميل برسوماتها الكرتونية إلى الطفولة ولكنها تبدو بقمة الفتنة والإغراء بذراعيها العاريتان.....اقترب ببطء للفراش حتى وقف بجانبه اتجاه زوجته ولكن عينيه على النائمة الأخرى وشعرها العسلي يضم وجهها وجزء كبير من بعد عنقها عاريا .... قارن بسرعة بين الشقيقتان وكانت المقارنة مخزية بالنسبة لزوجته تفرست عينيه الوقحة بفتنتها بابتسامة ماكرة حتى اختنقت أنفاس ليلى من الدخان القريب وبدأت تسعل وتسستيقظ... حينما فتحت عينيها قليلا ازعجها النور المضاء ولكن ما جعلها تسحب الغطاء الخفيف على ذراعيها هو تحديق ذلك الذي يقف قبالتها متأملا ...! قالت وهي تخفي ذراعيها بالغطاء ونظرة عصبية _ أنت جيت امتى ! طب كنت نبهنا حتى ! ابتعد صالح من الفراش بخطوات بطيئة وارتسمت ابتسامة خبيثة على محياه وهو يتقدم للخروج من الغرفة _ مكنتش أعرف أنك هنا اصلا ....البيت بيتك يا ليلى ...خليك فاكرة .... وها هي تتذكر ذلك حتى بعد مرور عشر سنوات ...وهي بالمشفى ......وكانت نتيجة ذلك رعدة في جسدها وهي تضمة صغيرتها بين ذراعيها أكثر والدموع ټنزف من عينيها .... وفي صباح اليوم التالي وضع وجيه فنجان قهوته على المائدة وأعلن _ في موضوع جه فجأة ...بس لازم تعرفوه لأنه هيتم خلال أيام قبل سفركم يا
شباب ... راقبه الشباب الاربعة في صمت بينما الجد رشدي كان قد علم بالأمر بمساء الليلة الفائته ولكنه لم يتناقش ولم يتجادل مع أبنه ... حتى قال وجيه مرة أخرى وكأن يتحدث عن شيء