ثم تجمعن حولها فرحت البنت وقالت إنها نفس الفراشات الجميلة التي رأيتها في الحلم ثم بدأت تمشي وتنظر حولها وفي بعض الأحيان تنادي يوسف إلى أن وجدت شجرة توت بري فتسلفتها وشرعت في الأكل.
ومن بعيد شاهدت شيئا يلمع تحت الشمس فنزلت وذهبت لترى هذا الشيئ الغريب فوجدته رخامة مصقولة مسحت عليها التراب فإنعكست عليها صورتها كالمرآة فتنهدت وقالت
يا رخامة ما أجملني
وما أحلى وجهي
لكن السعد غاب عني
ويوسف أراه في أحلامي
ولبيت النداء
لكنه وعدني بالحب وما أتى
لكن الفراشات اللواتي كن يطرن حولها ضحكن وقلن لها بصوت جميل
لا تكثري في الكلام
يا باحثة عن سعدها
ستأتيك الأيام بما كتبته لك
لكن قبل ذلك إرفعي الرخامة
وأنظري ما تحتها
تعجبت البنت مما سمعته وقالت كأن الفراشات كن ينتظرن مجيئي إلى هنا !!! من المؤكد أن هناك سر تحت هذه الرخامة لو كان يوسف محبوسا هنا سأنقذه وأرجع معه إلى القصر فلقد تأخرت كثيرا على أختي ...
ماذا ستجد البنت تحت الرخامة وماذا لو كان فخا منصوبا لها من الجن الذي خرج من الحائط
...
الجزء الثالث
خاڤت الأميرة وترددت قليلا ثم قالت في نفسها سأرفعها سواء وجدت تحتها غولا فيأكلني وأستريح من تعبي أو أجد يوسف وأنقذه ثم زحزحت الرخامة الثقيلة ورأت تحتها مدرجا من المرمر المصقول الذي يقود إلى دهليز داخل الأرض بقيت تنظر للمدرج وتتسائل ماذا يوجد يا ترى في آخر المدرج هل أنزل أم لا بينما هي حائرة وتفكر كلمها صوت وقال لها عليك أمان الله لا تخافي !!! إنزلي وليس هناك إلا الخير لما سمعت البنت ذلك تشجعت وقالت قد يكون هذا صوت يوسف ثم مدت ساقها ووضعتها على الدرجة الأولى وشرعت في النزول وهي تحاذر أن يهاجمها أحد الهوام السامة التي تمتلأ بها الحفر والمغاور .
ولما لامست الأرض وجدت نفسها في قصر من المرمر نقشت عليه رسوم بديعة والأبواب من خشب الصندل المطعم بالعاج والذهب وفي الزوايا تماثيل لأصناف االوحوش من أسود وفهود وعلى النوافذ ستائر المخمل وقفت تتفرج ثم قالت لا يمكن أن يكون هذا القصر وما فيه من نفائس لملوك الإنس وفجأة طلعت لها فتاة لم ير الراؤون في مثل حسنها كأنها القمر تلبس ثوبا من الحرير المطرز بسلوك الذهب والفضة وفي رقبتها عقد من اللآلئ الثمينة خاڤت الأميرة وصاحت هل أنت إنس أم جن قالت لها الفتاة أنا التي كلمتك وإعلمي أني من أميرات الإنس وبقيت هنا حبيسة هذه الجدران وأنت أول واحدة من جنسنا أشاهدها منذ سنوات طويلة !!!إسمعي شكلك يوحي بأنك مرهقة وجائعة سأسخن لك الماء دخلت نور الحوض فإستحمت وأحست بالراحة فقد علاها الغبار وآلمتها قدميها ثم أنها لم تأكل طعاما ساخنا منذ أيام .
بعد قليل نادتها الفتاة فرأت على المائدة قصعة كسكسي باللحم مع اللبن الرائب وصحفة زيتون وزيت ولما قربت نور يدها توقفت فجأة نظرت إليها الفتاة وقالت لا تقلقي هذا لحم خروف ومن حبسني هنا يهتم بطعامي وشرابي !!! سأتها نور أخبريني من حبسك ولماذا أجابتها إنها قصة طويلة !!! اليوم إستريحي وغدا أحكيها لك فليس لدينا شيئ نعمله قالت نور لا يمكنني البقاء هنا طويلا علي أن أجد يوسف وأرحل قبل أن يفطن أبي لذهابي ويعاقب أختي !!! قالت لها نامي وغدا سنتحدث . ثم قادتها إلى غرفة فيها فراش من ريش النعام وفراء الحيوانات فارتمت عليه واحست بالدفئ وبقيت تفكر من هي تلك الفتاة ولمن هذا القصر ومن أين يأتيها الطعام والشراب في هذا المكان المغلق وهل توجد منافذ أخرى تزاحمت الأسئلة في رأسها لكن لم تجد جوابا مقنعا وأحست أن جفونها ثقيلة ثم راحت في نوم عميق .
في الصباح لما نهضت وجدت الفتاة واقفة عند رأسها تحملق فيها وقد حملت في يدها طبقا فيه فطائر قالت نور سآكل وأنت تقصين علي حكايتك هل أنت موفقة أجابت الفتاة نعم سأفعل هذا على شرط أن تقولين لي من هو يوسف الذي تبحثين عليه !!! أومأت نور بالإيجاب ودست في فمها قطعة فطائر كبيرة ثم نظرت إليها بدأت الفتاة تحكي أنا يا سيدتي بنت سلطان في بلاد بعيدة وعشت مثل كل الأميرات عيشة مرفهة ولي أختين أكبر مني وبعد أن كبرت جاء فارس وخطبني وفرح أبي وأمي وبدأنا نجهز للعرس وليلة الزفاف وأنا في أبهى زينة امتلأت السماء فجأة بالسحب السوداء وهاجت الريح وقصف الرعد وطلع مارد من الجن قبيح الشكل وخطڤني من أهلى وطار بي حتى وصل إلى هذا القصر فحبسني والآن مضى علي ثلاثة سنوات وأنا هنا ولا يمر يوم دون أن أفكر في أبوي وخطيبي المسكين.
وكل أربعة أيام يمر المارد ويأتيني بجيفة حمار و إلا جمل ويطلب مني أن أطبخه له أما أنا فيحمل لي خروفا أو ارنبا يسرقه من ضيعة قريبة وفي الأيام الأولى كنت