دوائي الضرير
تسمع صوته يناديها أو يديه ترشدها كما اعتادت... فهتفت بإسمه و هي تنتظر الرد...
سارة عاصم.. عاصم انت هنا دة شكله لسة ماجاش من أوضته.
و على حين غرة شعرت بنفسها ترتفع من على الأرض بعدما حاوطتها ذراعي حبيبها القويتين لحمايتها و الحنونتان لها و عليها فقط.. فقد عانقها دون حديث بلهفة مسافر..
فقد زمام سيطرته على نفسه فور سماعه لإسمه منها.. فركض نحوها لف ذراعيه حول خصرها مما أجبرها على أن تلف هي ذراعيها حول عنقه فزاد هو من ضمھا رغما عنه..
ظل متشبثا بها حتى فاقت هي من خمر قربه و قالت بصوت ضعيف..
سارة عاصم..
لم تتلقى منه رد سوى همهمة مستفهمة فابتسمت و حاولت أنه تنبهه..
سارة عاصم.. سيبني.
تحولت همهمته هنا من همهمة الاستفهام إلى زمجرة الإعتراض.. فأبتسمت بسعادة و قالت بتعقل...
عاصمبعد أن وضعها أرضا برفق و لكن لم يترك خصرها مابقاش يهمني.. اللي يشوف يشوف.. وحشتيني.
سارة ياسلام هو انا كنت خرجت من البيت حتى.. ما انا موجودة اهو وحشتك ازاي بقى و بعدين في واحد حبيبته وحشته يبعتلها فويس زي اللي انت بعتهالي دي.. دي رسالة ټهديد دي.. بتحلف عليا يا عاصم
سارةاتسعت ابتسامتها طيب و دلوقتي
عاصم دلوقتي انا حاسس ان روحي رجعتلي لما جيتي دلوقتي و انا واقف اتكلم معاكي و لامسك بأيدي.. مش بقولك وحشتيني.
عاصم طيب تعالى بقى عشان عندي كلام كتير اوي عايز اقولهولك.
اخذها و جلسا معا في نفس مكانهما..
سارة بس ماكنتش اتخيل اني هاوحشك اوي كدة..
عاصم و اكتر من كدة.. انتي مش عارفة اليومين اللي فاتو دول فاتو عليا ازاي..
سارة ازاي.. احكيلي.
عاصم اول يوم الست هدى حابساكي في اوضتها من اول ما صحيتو حتى الفطار ماتهنتش بيه معاكي زي كل يوم فطرتو في الاوضة.. و لما اهلك وصلو و اليوم كله خلص على خير و قولت خلاص بقى هاشوفها.. الاقي الست والدتك تاخدك على الكراڤان هي و ابوكي و سي آسر.. قال ايه وحشتيهم..
عاصم طيب و انا مافكرتيش فيا انا.. يوم بحاله مش عارف اقولك ازيك حتى.. هونت عليكي
سارةبحب عمرك ما تهون عليا أبدا.. بس كنت هاعمل ايه يعني.. ما هما اللي خدوني بالعافية..
عاصم انا مسكت نفسي بالعافية لما قالو انك هاتنامي معاهم و مش هاتنامي في الفيلا الليلة دي من اني اخطفك منهم و اخليكي تنامي في الفيلا ڠصب عنهم كلهم.
عاصم بقى كدة..
سارة ههههههههه.. مش قصدي والله.. بس كنت هاتقولهم ايه
عاصم كنت هاقولهم دي بتاعتي انا سيبوهالي.. ماحدش ياخدها مني..
كنت هاقولهم اني مش هقدر انام و هي مش في نفس البيت.. حتى لو كانت نايمة بعيد عني بكام خطوة بس.. كنت هابوس ايدهم و اخليهم يسيبوكي اتكلم معاكي ساعة واحدة بس..
سارة طيب و إيه اللي منعك!!
عاصمزفر بحيرة خفت.. خفت ياخدوكي مني خالص.. و خفت عليكي منهم..
سارة ولا خۏفت على نفسك و شكلك
عاصمتعجب پصدمة إيه اللي انتي بتقوليه دة ازاي تقولي كدة.. انا عمري ما خفت من أي حاجة... عمر مافي حاجة في الدنيا هزتني ولا خوفتني.. بس خۏفت بجد ياخدوكي معاهم مصر.
و انا خلاص مابقتش اقدر اعيش من غيرك يا سارة...
سارة اقولك انا بقى إيه اكتر حاجة بخاف منها
عاصم قولي ياستي ايه اكتر حاجة پتخافي منها.
سارةبتفكير اممم.. هاقولك بس من غير تريقة.
عاصم قولي طبعا و من غير تريقة.
سارة بجد
عاصمضحك بمرح هههه.. يعني هاحاول ماتريقش.
سارةبنبرة حزينة الضلمة..
عاصمعقد حاجبيها بتعجب الضلمة
سارةبنبرة حزينة ايوة.. اكتر حاجة بخاف منها هي الضلمة.. انا حتى عمري مانمت في الضلمة خالص... اه ماكنتش بعرف برضه انام في النور الشديد بس بنور اباچورة صغيرة جنبي .
بخاف من الضلمة و اهي دلوقتي بقت كل حياتي.
اقولك حاجة..
و اعتدل في جلسته و اقترب منها أكثر قليلا ولازال ممسكا بكفيها.. و قد راقها ذلك الوضع بما يحمله من حنان و أمان.. احتواها دون كلمة ولا همسة.. فقط بدقات قلبه.. فاكملت بأريحية....
عاصمتجهمت معالم وجهه بحزن قولي طبعا..
سارة لما فوقت بعد الحاډثة فضل عندي اڼهيار عصبي يمكن 4 ايام.. كل ما افوق افضل أصرخ و اقولهم افتحوا الشبابيك .. نورو النور..ضحكت بتهكم و الم زي الافلام العربي بالظبط كدة..
لحد ما جه يوم و استسلمت...
فوقت و سكتت.. ولا
زعقت ولا صړخت.. سلمت حياتي لاكتر حاجة بخاف منها و سكتت.. الضلمة..
ضمھا لصدره بمنتهي الحنان حتى يبثها الأمان التي تفتقده بداخل غرفتها المضلمة و قد نجح و بجدارة.. فقد تبدل شعورها من الخۏف و القلق للاطمئنان الكبير.. غريب أن يكون مجرد حضڼ هو الأمان.. فأردفت براحة..
سارة بعد العلاج و التأهيل النفسي مابقتش تفرق معايا.. بقيت قادرة اتعامل معاها.. لسة بتضايقني اوقات.. بس مابقتش اخاڤ منها زي الأول.
صمتت قليلا ثم سألتهو انت..
عاصم انا ايه
سارة ايه اكتر حاجة بتخوفك.
عاصم زي ماقولتلك.. انا من يوم ما حبيتك مابقتش اخاڤ من أي حاجة في الدنيا دي الا بعدك.. بعدك بس اللي ممكن ېقتلني.
سارة بعد الشړ عليك.. ماتقولش كدة تاني..
عاصمقبل كفيها بحب حاضر.. ربنا يخليكي ليا..ثم اردف بعشق عارفة.. قبل ما اعرفك ماكنش في أي حاجة ممكن تخوفني أو تهز شعرة مني حتى.. قلبي قاعد زي مابيقولو.. بس بعد ما قابلتك.. بقت اكتر حاجه بتخوفني هي بعدك عني بعد ما هدى تخف..
طبعا أنا بدعيلها ليل نهار و بتمنالها أنها تخف النهاردة قبل بكرة.. لكن بعد كدة ايه اللي هيحصل فيا انا.. هاتسيبيني..
و دي اكتر حاجة مخوفاني.
لم تعقب هي.. فماذا يمكن أن تقول.. أنه يجب أن يخطبها من والدها... لا فهي تشعر بأن سبب خوفه مازال قائما فلن تطلبها منه أبدا حتى تزول مخاوفه التي لا تعرفها كاملة..
سارة ايه دة انت قلبت ليه كدة.. في ايه..
عاصم مش ناوية تقوليلي برضه انتي بتعرفي ازاي اني ببقى موجود من غير ما اتكلم.. دة انتي فضحتيني قدام اهلك اللي قبل ما ادخل ناحيتهم حتى تسلمي عليا.
سارةضحكت بملئ فيها ههههههههه... لا مش هقولك.. دة سر المهنة.. و بعدين هاتضيع على نفسك فرصة انك تسمعني من غير ما أحس بيك.. زي ما انت متخيل يعني.
عاصم لا قوليلي بجد.. يعني كنتي بتعرفي بوجودي ازاي و بتعرفي اني سمعتك و انتي بتتكلمي مع هدى... ازاي.. و هاتقولي على فكرة لا مفر.
سارة مصمم يعني
عاصم جدا.
سارة تدفع كام
عاصمبشوق و هيام عمري كله فداكي يا كل عمري.
خجلت للغاية حتى توردت وجنتيها و قالت...
سارة و بعدين بقى معاك.. بطل معاكسة.
عاصمضحك على وجهها المتورد خجلا ههههههههه.. حاضر هابطل مؤقتا.. ها قوليلي بقى..
سارة اصل انت مش فاهم.. البارفان اللي انت بتحطه ريحته تحفة.. مميز اوي.
عاصمبانبهار مش معقول.. و هو يشم ملابسه بس ريحته مش قوية اوي كدة...
سارة مش قوية ايه.. دة انا بشمها من و انت لسة مانزلتش من عربيتك قدام البيت.. انت بس عشان خدت عليه مش بتلاحظه..
عاصم ماشي يا ستي.. يعني حلو البرفان
سارة حلو عشان انت اللي حاطه...
عاصممقبلا يدها بحب ربنا يخليكي ليا..
و ظلت معه يتحدثان معا فيما فاتهما من حياة بعضهما خلال اليومين الماضيين و أوصلها لحجرتها مثل كل ليلة و اتجه هو إلى غرفته لينعم بنوم هاديء مستقر و سعيد عكس الليلتين المنصرمتين اللتين لم يستطع النوم فيهما نوما مستقرا..
و في صباح اليوم التالي....
استيقظ الجميع بهمة و نشاط و سعادة بالغة.. فكانت هنية متقمصة دور ام العروسة بشكل متقن.. فقد سهرت طوال الليل تعد في قائمة الطلبات التي تريدها خلال الأيام القليلة المقبلة...
و سهرت هدى تتحدث مع آسر هاتفيا لأول مرة بعد ما استأذن الحاج عبد الرحمن.. كانت مكالمته لها تحمل كل معاني الامان و الاطمئنان التي كانت تبحث عنه..
فقد أكد لها مشاعره نحوها.. و تأكدت هي من إعجابه بها بل و بداية حبه أيضا.. اقتنعت أخيرا بحبه و أنه لا يعطف عليها مثل ما كانت تظن.
زادت فرحتها عندما اعترف لها أنه قد أحبها منذ النظرة الأولى.. و قد جذبته نظرة عينيها و ملامحها البريئة.. فقد كانت السعادة تفترش وجهها صباحا..
و أيضا الحاج عبد الرحمن الذي كان سعيدا بمثل هذا النسب فمن يثور لأجل شقيقته مثل ما فعل آسر سوف يحافظ على ابنته و يسعدها..
كان سعيدا أيضا بمقابلة السيد جميل الرجل الخلوق الذي برغم أنه قد قضى معظم وقته هو و أولاده في دولة أجنبية منفتحة مثل الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنه أصر بل و نجح على تنشئة أولاده تنشئة طيبة تحمل معاني و عادات و أخلاق بلدهم الام..
أما عاصم..
فقد اعتدل مزاجه عما قبل.. فها هو قد عاد إلى لقاءه مع حبيبته قبل النوم.. اللقاء الذي ينتظره طوال يومه.. اللقاء الذي يزيح عنه تعب اليوم بكامله..
و أيضا سارة..
و التي تعددت أسباب سعادتها.. فقد ارتبط أخيها بأعز صديقاتها و التي تستحق أن يحبها أسر بكل قوته و جوارحه.. و زاد تأكدها من مشاعر عاصم بالأمس حينما ضمھا و قالها صريحة أنه افتقدها من مجرد يومين لم يستطع أن يحادثها فيهما..
كان الجميع جالسين إلى مائدة الإفطار... فيعتبر وقت الطعام هو تقريبا الوقت الوحيد الذي تجتمع عليه العائلة كلها.. فباقي اليوم يكون كل منهم يتابع أعماله مع اختلافها بالطبع.. فلكل منهم ما يشغله.
عبد الرحمن عاجولك ايه يا عاصم.. عايزك توصي على كام عچل عشان يندبحو في كتب كتاب اختك.
عاصم طبعا يابوي.. اني هاعدي على نصر الچزار و اني رايح الأرض و اوصيه على كل حاچة ماتجلجش.. و هاعدي على مزرعة البهايم و اوصيهم ينجو كام عچل كويسين اكده...
هنية و اني يا عاصم عايزة شوية لوازم أكده.
عاصم حاضر ياما.. اللي تؤمري بيه.. بس الله يكرمك.. تجعدي مع حد من البنات تمليها اللي انتي عاوزاه في ورجة و اني هاخدها النهاردة و توبجى چاهزة بكرة بإذن الله.. ماشي
سارة ليه يعني
عاصم عشان امي و عارفها.. دلوقتي تجولي لستة طلبات طولها مترين و تفضل طول النهار تتصل بيا.. معلش يا عاصم اصلي نسيت دة و هاته.. و