شظايا البلور بقلم انجي عصام الدين
تجلس بجوار سعيد في سيارته متجهين الى منزل عائلتها ونظرت من النافذة وهي تبتسم فيبدوا ان الحياة ستبتسم لها أخيرا
بعد مرور اربع ساعات
في الاسكندريه
توقفت السيارة امام احد المنازل الذي كانت هيئته تدل على ثراء صاحبه شعرت بالتوتر وهي تهبط من السيارات بجوار سعيد الذي حثها على التقدم بجواره وما ان اصبحت بداخل المنزل حتى تقدمت منها امرأة تبدوا في عمر خالها و فتاة شابة تشبهه وما ان وقفوا امامها حتى تحدث سعيد قائلا وهو يشير الى المرأة الاكبر سنا
ياقوت بأبتسامه اهلا بيكم اتشرفت اني شفتكم
جميلة بسعاده اهلا بيكي شرفتي و نورتي والله
نجية اهلا بيكي يا ياقوت عامله ايه
ياقوت الحمد لله شكرا لحضرتك
سعيد يلا يا جميله خذي بنت عمتك وفرجيها على اوضتها عشان ترتاح من تعب المشوار
ابتسمت لها ياقوت وسارت بجوارها بينما تتأمل ما حولها فهي لم تغادر جدران الملجأ من قبل ولا تتذكر حياتها قبل دخول الملجأ بسبب صغر عمرها في ذلك الوقت وما ان دلفت الى داخل الغرفة التي ارشدتها جميلة اليها حتى جلست على الفراش وابتسمت وهي تشعر بنعومته تحتها وتذكرت فراش الملجأ الصلب والضيق ونظرت حولها بتأمل وهي ترى الغرفة التي تعادل ثلاثة غرف من غرف الملجأ في الحجم وذات الوان زاهية ابتسمت وهي تلاحظ جميلة التي مازالت تقف بجوار الفراش وقالت
جميلة لا انا هسيبك ترتاحي دلوقتي ولما تصحي نبقى نقعد ونتكلم براحتنا
ياقوت ماشي زي ما تحبي
جميلة لو احتاجتي حاجه هتلاقيني تحت بس ابقي ألبسي طرحتك وانت نازله ليكون محمد رجع من الشركه
ياقوت بتسائل محمد مين
جميلة اخويا هو دلوقتي في الشركة وبيرجع قبل المغرب
ياقوت تمام ماشي
كانت الساعه تقترب من السادسة مساءا عندما هبطت ياقوت درجات السلم متجه الى الاسفل وما ان رأت جميلة التي كانت تصعد السلم حتى ابتسمت وهي تقول بخجل
جميلة بأبتسامة ولا يهمك انا كنت طالعه اصحيكي عشان كلنا قاعدين تحت وجدو مهران كان عايز يشوفك
ياقوت والله وانا كمان نفسي اشوفه اوي
جميلة طيب يلا بينا ننزل مع بعض
اطاعتها ياقوت وهبطت معها درجات السلم وماهي الا لحظات حتى كانت تجلس بجوار مهران الذي يقوم من حين لاخر بسعادة بينما كان الجميع يقومون بالترحيب بها واخذوا يتحدثون عن عدة موضوعات ولكنها لاحظت نظرات ابن شقيق والدتها محمد الذي قام جدها بالتعريف عنه منذ قليل وتحدثت عنه جميلة بالسابق والذي كان يبدوا في اواخر العشرينات من عمره بجسد رجولي يبدوا عليه القوة ووجه يبدوا عليه الحزم شعرت بقشعريرة غير مألوفة في جسدها عندما تلاقت اعينها البنية مع عيناه السوداء التي تنظر اليها بثبات فقامت بأبعاد عيناها عنه سريعا وهي تشعر بالحرارة تنتشر في وجنتيها
كانت ياقوت تجلس في الحديقة الخاصة بالمنزل عندما تقدم محمد منها وجلس على المقعد المجاور لها وهو يقول
قاعده لوحدك ليه امال فين جميلة
ياقوت بخجل جميلة كانت قاعده معايا بس طنط نادت عليها فراحت ليها
محمد تمام انتي عامله ايه مبسوطه معانا هنا
ياقوت ايوه طبعا انا طول عمري كان نفسي يبقى ليا عيله والحمد لله ربنا استجاب لدعواتي
محمد وهو يتأملها فعلا الحمد لله اننا عرفنا بوجودك
ابتسمت له ياقوت بتوتر فجملته كانت عادية للغاية ولكن طريقته في قولها جلبت الاحمرار الى وجنتيها وسمعته يضحك بصوت مرتفع وشعرت بالخجل اكثر وهي تستمع اليه وهو يقول
شكلك بقى
زي القمر
وانت مكسوفه عارفه يا ياقوت انا طول عمري مش بفكر في الارتباط بس شكلك كدا غيرتي تفكيري
ياقوت بتساؤل تقصد ايه
محمد وهو يتقدم منها في مجلسه بقول انا عايز اتجوزك ايه رأيك تتجوزيني
بسم
الله الرحمن الرحيم
لا تدع القراءة تلهيك عن الصلاة
الفصل الثالث
انت بتدق جامد كدا ليه كل ما افكر في محمد هو انت حبيته في الفتره القصيره دي ولا ايه ايه يا ياقوت خلي بالك هو مجابش سيرة انه بيحبك في كلامه بس بردوا قال انه شاف انك غيرتي فكرته عن الارتباط يعني اكيد حاسس حاجه من ناحيتي
تنهدت ياقوت وهي تفكر في حديث محمد فهي تشعر بقابلية كبيرة لهذا الارتباط تنهدت بتفكير فهي قضت عشر سنوات من عمرها بداخل ملجأ لم تجد به اي ذرة من الحب وتحتاج لمن يقوم بالتعويض عنها فهي كما يقولون جائعة للحب والمشاعر الدافئة وقفت واتجهت الى داخل الغرفة وتمددت على فراشها وهي تبتسم بحب وتفكر ان محمد رجل ناضج واذا طلبها للزواج فلابد انه يريدها ان تكون معه وملكه وهي تشعر بمشاعر كثيرة بأتجاهه وتتمنى ان تصبح زوجته لذلك لا داعي للتفكير فهي تشعر انه هو من سيقوم بتعويضها عن سنوات الحرمان التي قضتها في الملجأ بعيدا عن الجو الاسري الذي يقدمه لها محمد الان على طبق من ذهب
في اليوم التالي
كانت ياقوت تشعر انها ستختفي من الخجل الذي تشعر به فما ان اخبرت محمد بموافقتها حتى اخبر الجميع بموافقتها وعلمت انهم كانوا يعلمون برغبته في الزواج منها واصر مهران على ان يكون الزفاف بعد ثلاثة ايام فلا حاجة للانتظار اكثر من ذلك وخاصة انهم يعيشون معا في المنزل نفسه والمنزل الخاص بمحمد لا ينقصه اي شيء فقد تم الانتهاء من تأثيثه منذ عدة اشهر ابتسمت لهم ياقوت بحب فالجميع يتعامل معها وكأنها فردا منهم منذ الازل وليس منذ شهران فقط مهران وربت على رأسها وهو يقول
قوليلي بقى يا ياقوت نفسك في ايه اجبهولك هديه لفرحك
ياقوت وهي ولا اي حاجه يا جدي كل اللي انا عايزاه هو انك تكون دايما جانبي
مهران ربنا يباركلك يا بنتي على العموم انا عارف انا هجبلك ايه هديه اهم حاجه عندي لو الولا محمد زعلك تيجي على طول تقوليلي وانا اشد ودنه
محمد بمزاح بقى كدا يا جدي طيب لو هي زعلتني هتشد ودنها بردوا
مهران وهو ياقوت لا طبعا محدش يجرؤ انه ېلمس ياقوت وانا عايش على وش الدنيا
ياقوت بقوة وهي تقول
ربنا ميحرمنيش منك ابدا يارب يا جدي
قام مهران ياقوت اكثر الى صدره وهو يقول
بتغير من مين يا ولا مني انا ياقوت دي فرحة عمري اللي ربنا اكرمني وشوفتها قبل ما اموت
ياقوت متقولش كدا بعد الشړ عليك يا جدي
محمد بعد الشړ عليك يا جدي بقولك ايه احنا فرحانين يعني مش عايزين دراما وكمان دا انت هتشيل ولاد ولادنا ان شاء الله
ابتسم مهران ياقوت اقرب اليه فبادلته بقوة وهو يدعو الله ان يتمكن من حمل احفاده قبل ان ېموت
في ليلة الزفاف
انتهى الزفاف واتجه الجميع الى منازلهم وخاصة العروسان فقد اتجهوا الى منزل محمد الذي يبعد عن منزل عائلته نصف ساعة بالسيارة وما ان توقفت السيارة امام المنزل حتى هبط منها ليعاون ياقوت على الخروج من السيارة واتجهوا معا الى الداخل واخذت ياقوت تنظر بفضول ممتزج بالسعادة فهذا هو المنزل الذي سيجمعها مع محمد زوجها للابد فكرت انه كان يبدوا سعيدا حتى تحدث مع والده قبل ان يستقل السيارة ليرحلوا سمعت صوت اغلاق باب المنزل الرئيسي بقوة فخرجت من شرودها والتفتت لتنظر الى محمد بابتسامة ولكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وهي ترى النظرة الباردة التي يرمقها بها فقالت بتوتر
مالك يا محمد فيه ايه بتبصلي كدا ليه
محمد ببرود ببص ازاي يعني ما انا عادي اهو
ياقوت بتساؤل عادي ازاي انا بردوا لاحظت لما كنا في القاعه انك مكنتش مبسوط
محمد ببرود واتبسط من ايه ان شاء الله ثم اكمل بقسۏة ااااه انت لسه عايشه في الحوار ده لا فوقي يا ماما انا اتجوزتك بس علشان احافظ على فلوسنا وكان شكي في محله لما جدي كتب نصيب امك في الشركه ليكي
ياقوت بذهول انت بتقول ايه جدي لا يمكن يعمل كدا
محمد بقسۏة والنبي بلاش البراءه اللي بتمثليها دي انا وانت عارفين انك فضلتي تتمسكني للراجل لغاية ما كتبلك نصيب امك من الورث وقال ايه انا مش عايزه غير انك تكون دايما جنبي يا جدي
ياقوت پبكاء انت قصدك ايه ان انا اللي خليت جدي يكتب ليا من ثروته وكمان انت متجوزتنيش عشان بتحبني
محمد پغضب فوقي بقى من الوهم ده انا مبحبكيش ولا عمري هحبك عارفه ليه لاني بحب واحده تانيه وهتجوزها اما انت هتفضلي محپوسه هنا لغاية
لما تمضي تنازل عن كل اللي جدي كتبه ليكي فاهمه ولا لا
ياقوت پغضب وهي تبكي انت اكيد مش بني ادم انا مش هقعد هنا ولا دقيقه واحده لا يمكن
يجمعني مكان
واحد مع حيون ذيك انت اااااه
كانت ياقوت تصرخ وهي تتحدث وقبل ان تكمل حديثها صفعها محمد بقوة فسقطت أرضا پألم واقترب منها وهو ېصرخ ويقول
انت مش هتخرجي من هنا غير لما انا اخرجك واعتبري انك لسه في الملجأ مفيش خروج واظن انك متعوده على العيشه هناك وخلي بالك اي كلمه تقوليها متعجبنيش هشوهلك وشك فتخرسي خالص وتترمي في اي حته واياكي تدخلي الاوضه اللي هنام فيها
انهى محمد حديثه واتجه مسرعا الى الاعلى بينما ضمت ياقوت ساقيها الى صدرها وهي تبكي بقوة فقد كسر محمد قلبها وقام بتبديل سعادتها الى حزن رفع كفها لتتلمس وجنتها المكدومة من صڤعته وبكت وهي تفكر انها ستتحدث غدا مع جدها عندما يحضر ليراها وستخبره بكل شيء اعادت حديث محمد بداخل رأسها وبكت بقوة مرة اخرى وظلت على هذا الحال حتى سقطت في النوم وهي جالسة على الارض الباردة
في اليوم التالي
شعرت ياقوت بمن يقوم بتحريك كتفها بقسۏة ففتحت عيناها التي مازالت تحمل اثار بكائها ووجدت محمد الذي كان يرتدي قميص وبنطال يبدوا انه ارتداهم عى عجلة بسبب عدم قيامه بترتيبهم وقبل ان تقول اي شيء تحدث محمد قائلا
بابا لسه مكلتي وقال ان جدي تعب جامد بالليل وراحوا بيه المستشفى
ياقوت وهي تقف مسرعة انا لازم اروح اشوفه حالا
محمد بهدوء مفيش داعي تروحيله البقاء لله
نظرت له ياقوت للحظات وكأنها لا تفهم ما يعنيه حديثه ثم تحدثت قائلة بعدم فهم
ياقوت انا مش فاهمه حاجه البقاء لله في مين
محمد في جدك ماټ الفجر والدفنه بعد
ساعه انا